"لا أدري حقاً ما الذي ينتظرني أهو قيد أم رصاصة؟! وبكل الأحوال فأنا لا أعلم يقيناً هل سيكون ”فلسطينياً“؟! أم ”إسرائيلياً“؟!".
بهذه الكلمات القليلة، لخص الناشط والمعارض السياسي الفلسطيني مزيد سقف الحيط من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ما يواجهه هذه الأيام من تهديدات بالاغتيال أو الاعتقال السياسي بسبب مواقفه المعارضة للسلطة الفلسطينية ونهجها السياسي والأمني.
ومنذ الخامس من سبتمبر/ أيلول الجاري، يعيش سقف الحيط مطاردا لأجهزة أمن السلطة التي داهمت منزله في محاولة لاعتقاله، بتهمة كيدية هي "حيازة سلاح".
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها سقف الحيط لملاحقة أجهزة السلطة، فقد اعتقلته من بيته في مايو/ أيار الماضي بعد الاعتداء عليه أمام أطفاله، وأمضى أسبوعين في سجونها.
وكثيرا ما تعرض للاعتقال والاستدعاء خلال السنوات الأخيرة، بسبب مواقفه السياسية المساندة للمقاومة والمعارضة لنهج السلطة.
ويقول سقف الحيط إن قسم المباحث العامة في مركز شرطة مدينة نابلس، دخل منزله وقام بتفتيشه تفتيشاً دقيقاً، وأبلغوا زوجته أنه مطلوب بتهمة "حيازة سلاح"، وأنهم سيقومون بالحضور إلى البيت وتفتيشه يومياً إن لم يسلم نفسه.
ويؤكد سقف الحيط أن السبب الحقيقي لملاحقته هو منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، الأمر الذي جعله مطاردا لكل أجهزة السلطة.
وأوضح قائلا: "بلغني أن كل أجهزة الأمن التابعة لسلطة الحكم الذاتي لديها أوامر باعتقالي والتنكيل بي، وكل هذا على خلفية منشور على حسابي في فيسبوك".
ويضيف أن تهمة "حيازة سلاح" ما هي إلا تهمة كيدية تستخدمها السلطة لتبرير اعتقال الناشطين السياسيين، ولإعطائه غطاء قانونيا، وقد سبق أن وجهتها له النيابة العامة الفلسطينية سابقا، رغم أن التوقيف كان على خلفية تعزيته بوفاة الرئيس الإيراني، ومواقفه المؤيدة للمقاومة.
ويبين أنه في اعتقاله السابق، وجهت له تهمة "حيازة سلاح" ولم يتم التحقيق معه حولها بالمطلق، بل انحصر التحقيق حول علاقته بفصائل المقاومة، وحركة "حماس" بشكل خاص.
ويشير سقف الحيط، الذي ينتمي للتيار القومي العروبي، إلى أن محققي السلطة سألوه باستهجان خلال التحقيق عن سبب مساندته لحركة "حماس" باعتبارها حركة إسلامية يختلف معها أيديولوجيا.
وأوضح أن مفاوضات تجري عبر محامين وعبر وسطاء يمارسون عليه ضغطا اجتماعيا لتسليم نفسه وحذف منشوراته التي يُعبّر فيها عن مواقفه السياسية، من أجل التوقف عن ملاحقته.
وقال: "يريدون مني أن أتنازل عن حقي بحرية الرأي والتعبير التي كفلتها المواثيق الدولية والقانون الأساسي الفلسطيني، مقابل أن يسمحوا لي بالحياة".
ويكرس سقف الحيط حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي لمساندة المقاومة، والتحذير من مخططات الاحتلال، ومعارضه نهج التسوية والتنسيق الأمني الذي تتمسك به السلطة.
ووجه مؤخرا انتقادات لاذعة للسلطة بسبب محاولاتها تفكيك الحالة النضالية التي بدأت تنمو في شمال الضفة الغربية وأخذت بالزحف نحو وسط وجنوب الضفة.
ولا يستبعد سقف الحيط أن يتم اغتياله كما جرى للمعارض السياسي نزار بنات قبل سنتين، مؤكدا أنه تم توجيه تهديد ناعم له بالاغتيال أثناء اعتقاله قبل الأخير لدى جهاز الأمن الوقائي.
ويحتفظ سقف الحيط بلقطات شاشة لتعليقات كتبها أشخاص مؤيدون للسلطة وبعضهم يحتل وظائف رسمية، ومنهم شقيق محافظ نابلس، حملت شتائم نابية له وتهديدات بالقتل والاغتصاب.
ويشير إلى تعليق تركه له شخص يدعى "إبراهيم عمران" يهدده فيه بوضع قنينة في مؤخرته، ويتساءل بألم: "هل ينتمي هؤلاء للشعب العربي الفلسطيني حقاً؟! وإذا كانوا كذلك فهل هذه أخلاق الشعب الفلسطيني؟!".
ويصف هذا التهديد بالاعتداء "التلمودي"، إذ أنه يعيد التذكير بالجريمة التي ارتكبها جنود الاحتلال في سجن "سديه تيمان" حين قاموا بإيلاج عصا في مؤخرة أحد الأسرى الفلسطينيين.
ويتساءل: "هل من المقبول أن تقوم النيابة العامة الفلسطينية بإصدار أمر توقيف بحقي على خلفية حرية الرأي والتعبير، وتمنح إذنا لاقتحام منزلي وتفتيشه على خلفية منشور سياسي، وتتجاهل عشرات الجرائم الإلكترونية التي ارتكبها عناصر وضباط في أجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي تعليقاً على المنشور السياسي الذي لم يرق لهم؟!!".
ويحمّل سقف الحيط مجلس الوزراء الفلسطيني كامل المسؤولية "عن كل ما ينتج عن هذا التغول على حقوق الإنسان الفلسطيني"، وطالب مؤسسات المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية بالتدخل من أجل وقف هذا العدوان.