ارتفع عدد شهداء العملية العسكرية الإسرائيلية على مدينة جنين ومخيمها إلى 14 شهيداً، مستحوذة على النصيب الأكبر من عدد شهداء العملية العسكرية على شمالي الضفة، والتي بلغت 23 شهيداً، إذ استشهد شابان برصاص الاحتلال، يوم السبت، في مخيم جنين ومنع الاحتلال الطواقم الطبية من الوصول إليهما لإجلائهم.

والشهيدان بحسب مصادر من المقاومة هما: محمد حربوش، وابراهيم القنيري، وهما من مخيم جنين.

ونعت كتائب القسام الشهيد القسامي محمد أبو الطلال حربوش، مشيرة إلى أنه "أحد أبطال كمين الدمج في مخيم جنين، والذي ارتقى إلى العلا شهيدًا ظهر اليوم السبت 26 صفر 1446هـ الموافق 31 أغسطس 2024م؛ عقب تنفيذه مع عدد من إخوانه كمين الدمج النوعي في مخيم جنين الذي استهدف بعبوة شديدة الانفجار قوة صهيونية خاصة، واشتباكه معهم من المسافة صفر، ما أدى إلى وقوع أفراد القوة المتقدمة بين قتيل وجريح".

وتواصل قوات الاحتلال عمليتها العسكرية في محافظة جنين لليوم الرابع على التوالي، وسط عمليات تخريب واسعة في البنية التحتية وممتلكات المواطنين في المدينة والمخيم، وتركز هذا اليوم في الحي الشرقي.

وأكد شهود عيان لمراسل وكالة "صفا" أن الاحتلال جرّف كل الشوارع الرئيسة في الحي بعمق وصل لمترين تقريباً، كما عملت جرافات الاحتلال على تجميع الركام وإغلاق أبواب المنازل والمحال التجارية فيه.

وأضاف الشهود أن الاحتلال دمر كل مداخل المنازل والمحال التجارية في شارع اليرموك وهو الشارع الرئيس الذي يخترق الحي ويصله بالسوق التجاري.

كما هدم الاحتلال أغلب الجدران الاستنادية في الشارع المذكور وفي الشارع الفرعي المؤدي لحي المدارس، ودمر كامل الجدار المحيط بالملعب البلدي في الحي المذكور.

وأوضح الشهود أن الهدم والتخريب لم يقتصر على المنازل، بل طال أيضاً مدخل مسجد خالد بن الوليد أكبر مساجد الحي الشرقي، وحول الجنود الطابق الثاني منه لثكنة عسكرية ومكاناً لمنامهم وتناولهم الطعام، وتركوا المسجد في حالة يرثى لها.

كما أحرق جنود الاحتلال جزءًا من بسطات سوق الخضار في مجمع السفريات الخارجي، وأتت النيران على الكثير من هذه البسطات.

وتأتي العملية وسط تصدٍ كبير من المقاومة في محور مخيم جنين وخاصة حي الدمج، وأحياء المدينة الأخرى، واعترفت مصادر عبرية بمقتل أحد الجنود وجرح آخرين في كمين وقعوا فيه صباح يوم السبت في حي الدمج.

كما يسمع من وقت لآخر، أصوات انفجارات ناتجة عن عبوات ناسفة، زرعها المقاومون أو ألقوها في طريق جنود الاحتلال وآلياته، كما تكاد لا تتوقف أصوات أسلحة المقاومين الرشاشة، في مواجهة قوات الاحتلال، بمختلف محاور اقتحامها للمدينة والمخيم.

ولفشلها باعتقال المقاومين، شنت قوات الاحتلال عمليات اعتقالات واسعة في صفوف المواطنين ونقلتهم مكبلين ومعصوبي الأعين، إلى العديد من منازل المواطنين، بعد طرد سكانها وتحويلها إلى مراكز للتحقيق الميداني.

وقال على محمود أبوزيد أحد سكان الحي الشرقي لمراسل وكالة "صفا" إن أكثر من 50 جندياً اقتحموا منزله وقت الغداء مساء يوم الجمعة ثالث أيام العملية العسكرية، وسكبوا طعامهم على الأرض، وجمعوهم في غرفة واحدة، واعتقلوا نجله الوحيد محمود (19 عاماً) ونقلوه إلى أحد مراكز التحقيق في الحي الشرقي مع عدد آخر من الجيران، ونكلوا بهم لساعات قبل الافراج عنهم صباح اليوم التالي.

وأضاف علي أبوزيد أن الاعتقالات في الحي طالت العشرات من الشبان، وكل التحقيق معهم كان حول أماكن وجود المقاومين وعن أسمائهم.

واضطرت عائلات فلسطينية، مساء الجمعة، 30 أغسطس/آب 2024، للنزوح من الحي الشرقي في مدينة جنين، بعد أن أجبرتهم قوات الاحتلال على الخروج من منازلهم.

وقال سليمان حوراني لمراسل وكالة "صفا"، وهو يسير برفقة زوجته وأطفاله: "اقتحم الجيش الإسرائيلي منزلنا وقال لنا معكم ثُلث ساعة للخروج من هنا".

وأضاف "ولما اعترضنا لعدم وجود بديل نخرج إليه قالوا لنا بالعامية: دبروا حالكم".

وعن الأوضاع في الحي الشرقي، قال سليمان حوراني: "الدمار كبير، الجيش ينفذ حرباً حقيقية، والسكان دون طعام ولا دواء ولا شراب".

وأشار إلى أنه نزح مع عائلته "سيراً على الأقدام منذ نحو ساعة وتسلقنا جبلاً حرجياً إلى المجهول".

وأوضح حوراني أن الطرد من المنزل طال كل العائلات في البناية السكنية التي يقطن بها قرب مسجد خالد بن الوليد في الحي الشرقي.

وحتى كتابة هذه السطور، لا يعرف السقف الزمني للعملية العسكرية، والتي قال الاحتلال إن الهدف منها القضاء على كتائب وخلايا المقاومة.

لكن المتتبع يجد أن الهدف الذي يسعى له الاحتلال هو تدمير كل ما تطاله أنياب جرافاته من شوارع وبنية تحتية ومركبات المواطنين، في محاولة لعقاب الحاضنة الشعبية التي خرّجت وآوت المقاومة، كما يهدف الاحتلال لتحويل الضفة، لغزة جديدة بسياسة الأرض المحروقة.