مع ساعات فجر الأربعاء، بدأت عملية عسكرية واسعة لجيش الاحتلال في محافظات جنين، وطولكرم وطوباس شمالي الضفة الغربية المحتلة، بمشاركة قوة عسكرية كاملة، إلى جانب أربع وحدات خاصة في الجيش وحرس الحدود والشاباك.
وأسفرت العملية التي ستستمر لأيام بحسب إعلان جيش الاحتلال، عن استشهاد 11 مواطناً وإصابة آخرين، فضلاً عن تدمير البنية التحتية وحصار أربعة مستشفيات.
وأفادت الإعلامية والمحلّلة السياسية نور عودة في حديثها لوكالة "صفا"، بأن عملية الاحتلال في محافظات شمال الضفة تنذر بمزيد من التصعيد في ظل الانفلات التام لإسرائيل، وتؤكد على وحدة الدم الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
وأضافت أن الضفة مستهدفة بشكل ممنهج قبل العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وهي المطلوبة استرايجياً بالنسبة للاحتلال، الذي يسعى إلى تهجيرها والاستيلاء عليها.
وقالت عودة إن الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة تحت النار، وهناك إدراك شعبي بأن الإبادة المتواصلة في قطاع غزة لن تستثني أحداً.
وبيّنت أن تركيز الاحتلال على محافظات الشمال يأتي في سياق سحق العمل الفلسطيني المقاوم في الضفة ووقف تمدده وتطوره، لافتةً إلى أن هذه العملية التي تعتبر الأوسع منذ عام 2002، تستهدف الفعل المقاوم في الضفة على الصعيدين المادي والمعنوي.
وأشارت إلى أن حكومة الاحتلال الحالية تركز على إلغاء الوجود الفلسطيني عن طريق المزيد من القوة والإجرام، في ظل فشل العالم في وقف الإبادة المستمرة منذ 11 شهراً في قطاع غزة، واستمرار دول عظمى في دعم الاحتلال سياسياً وعسكرياً.
وأكدت عودة أن لا شيء قادر على ردع التوحش الإسرائيلي، إلا أداء فلسطيني جماعي ومختلف.
من جانبه، أفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، أن المعركة الدائرة في شمال الضفة لن تكون الجولة الأولى ولا الأخيرة، وأن السياسة التي يتبعها الاحتلال من قتل وترهيب وعقاب جماعي، لم تجدي في كسر الشعب الفلسطيني وإيقاف نضاله في سبيل تحقيق حريته واسترداد أرضه.
وبيّن أبو غوش في حديثه لوكالة "صفا"، أن ما يجري في الضفة فصل من حرب شاملة على الشعب الفلسطيني، وحلقاتها الأكثر دموية تجري في قطاع غزة.
وقال إن الاحتلال بكافة مؤسساته تعمل بشكل متكامل وممنهج إلى جانب مليشيات المستوطنين، لحسم الصراع مع الفلسطينيين، وتكريس بُنية إسرائيل الكبرى عن طريق ضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وإبقاء السلطة كهيئة بلدية معدومة الصلاحيات والنفوذ.
وأوضح أن اجتياح الاحتلال محافظات شمال الضفة في عملية واسعة، لا يمثل رد فعل على العمل المقاوم، وإنما هي عملية مبيتة ومدبرة ضمن مشروع تصفوي للقضاء على القضية الفلسطينية.
وأشار أبو غوش إلى أن استهداف الاحتلال لمخيمات الشمال مرتبط بشكل وثيق مع موقف الحكومة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ويعكس نيتها بتصفية قضية اللاجئين.
وبيّن أن الذي جرّأة الاحتلال على توسيع جرائمه ومواصلتها في حق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، هو التفرج والتواطؤ الدولي الشامل للحالة الشعبية العربية.
وأكد على أن الاحتلال يتخوف من أن تصبح المقاومة في الشمال حالة إلهامية لوسط وحنوب الضفة، لذلك يكثف ويوسع عملياته ملوحاً بأن مصير من يقاوم المحو والإلغاء.
ولفت إلى أن مستويات أمنية إسرائيلية كانت حذرت في مرات عدة من انفجار الأوضاع الأمنية في الضفة، ولكن نتنياهو رمى بالتحذيرات عُرض الحائط، واتجه لاستكمال مشروع بناء "إسرائيل" الكبرى لجهض الطموح الوطني الفلسطيني، مدركاً لتكلفة تحقيق هذه الأهداف من خسائر في صفوف الجيش من أسرى وقتلى، فضلاً عن سمعة الاحتلال على مستوى دولي.