web site counter

مركز حقوقي: احتجاز جثامين الشهداء في مقابر الأرقام الإسرائيلية كرهائن امتهان للكرامة

رام الله - صفا

قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" في اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء بأن شهداء شعبنا الفلسطيني لهم وطن يحتضنهم ولهم شعب يفخر بهم ولهم أرض ترتوي بدمائهم وليسوا رموزاً في مقابر الموت الإسرائيلية، وأن استمرار حكومة الاحتلال في احتجاز جثامينهم يعبر عن الفكر الفاشي والممارسات اللاإنسانية التي تتناقض مع كافة المثل والقيم الأخلاقية والدينية والإنسانية ومع سمة الطبيعة البشرية أيضاً، فاستمرار احتجاز جثامين الشهداء هو جريمة حرب مستمرة، وما يتبعها من معاناة وألم لذويهم وأقاربهم في حالة من الترقب والانتظار الشديد والذي يدوم لسنوات طويلة في ظل تعنت حكومات الاحتلال المتعاقبة في الإفراج عن جثامين الشهداء ليتسنى دفنها وفق القيم والمعتقدات الدينية الخاصة بهم والتي كفلتها كافة القيم الدينية والإنسانية والقانونية الدولية.

 
وأدان مركز "شمس" سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتي ترفض تسليم جثامين الشهداء لذويهم والذي ارتفع بشكل كبير في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة وتعرض الآلاف من المدنيين الفلسطينيين لجرائم الاختفاء القسري وعدم معرفة ذويهم أنهم على قيد الحياة أو قد استشهدوا، في ظل جريمة التهجير القسري والتطهير العرقي المستمرة في قطاع غزة ، فما زال هناك الآلاف من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم هل هم في مقابر الأرقام لدى الاحتلال أم هم أسرى في السجون الإسرائيلية أم استشهدوا وموجودون تحت أنقاض المباني المدمرة. علماً أن الاحتلال يحتجز جثامين (552) شهيداً في مقابر الأرقام والثلاجات،حيث أن هناك(256) شهيداً في مقابر الأرقام ، و(296) منذ العام 2015، و(55) شهيداً من الأطفال ، و (32) شهيداً من الأسرى، و(9) شهيدات . وهذه الأرقام لا تشمل جثامين الشهداء في قطاع غزة والذي تجاوز عددهم المئات.
وندد مركز "شمس" بصمت العالم عن جرائم الاحتلال المستمرة والتي لم يسلم منها الأحياء ولا الأموات، فأولئك الشهداء الذين استشهدوا ما زال الاحتلال يمعن في انتهاك أبسط حقوقهم ويرفض تسليم جثثهم أو رافاتهم لذويهم ليتسنى لهم دفنها، في صمت دولي مريب يكشف عن تخاذل وتآمر وتماهي الكثير من دول العالم مع الاحتلال في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وينتزع من المنظومة الدولية لحقوق الإنسان قيمتها وهيبتها وأهميتها وأنها أصبحت بشكل حقيقي لا تساوي الحبر الذي كتبت به، بل ويكشف عن الانتقائية والازدواجية في تطبيق معايير حقوق الإنسان في العالم استناداً إلى هوية الضحية أو هوية المجرم وليس إلى الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان وكرامته.

وأكدمركز "شمس" على أن احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء وعدم تسليمهم لذويهم يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان لاسيما لاتفاقية جنيف الأولى في المادة رقم (17) من الاتفاقية (يتحقق أطراف النزاع من أن دفن الجثث يجري لكل حالة على حدة بقدر ما تسمح به الظروف، ويسبقه فحص الجثة بدقة، وفحص طبي إن أمكن، بقصد التأكد من حالة الوفاة، والتحقق من هوية المتوفى، والتمكن من وضع تقرير، ولا يجوز حرق الجثث إلا لأسباب صحية قهرية أو لأسباب تتعلق بديانة المتوفى، وفي حالة الحرق، تبين أسبابه وظروفه بالتفصيل في شهادة الوفاة أو في قائمة أسماء الموتى المصدق عليها، وعلى أطراف النزاع التحقق من أن الموتى قد دفنوا باحترام وطبقاً لشعائر دينهم إذا أمكن، وأن مقابرهم تحترم، وتجمع تبعاً لجنسياتهم إذا أمكن، وتصان بشكل ملائم، وتميز بكيفية تمكن من الاستدلال عليها دائماً)، وأكد ذلك البرتوكول الاختياري الثاني الملحق باتفاقيات جنيف في المادة رقم (8) من البرتوكول (تتخذ كافة الإجراءات الممكنة دون إبطاء خاصة بعد أي اشتباك، للبحث عن الجرحى والمرضى والمنكوبين في البحار وتجميعهم، كلما سمحت الظروف بذلك، مع حمايتهم من السلب والنهب وسوء المعاملة وتأمين الرعاية الكافية لهم، والبحث عن الموتى والحيلولة دون انتهاك حرماتهم وأداء المراسم الأخيرة لهم بطريقة كريمة)،  وتمثل جرية ضد الإنسانية استناداً إلى اتفاقية روما لسنة 1998م الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية إذ اعتبرت المادة رقم (7) من الاتفاقية أن الاختفاء القسري يشكل جريمة ضد الإنسانية، وانتهاك أيضاً للقاعدة رقم (117) من الدراسة التي أكدت على ضرورة أن يتخذ كل طرف من أطراف النزاع الإجراءات المستطاعة للإبلاغ والإفادة عن الأشخاص المفقودين في النزاع المسلح، وضرورة تزويد أفراد عائلاتهم بأية معلومات عن مصيرهم، وتنطبق هذه القاعدة على النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي والذات الطابع الغير دولي.

وشدد مركز "شمس" على أن احتجاز جثامين الشهداء من قبل الاحتلال وعدم تسليمهم لذويهم يتطلب إستراتيجية وطنية فلسطينية مؤسساتية قوية من خلال تحريك هذا الملف في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المحكمة الجنائية الدولية، وتقديم شكوى ضد دولة الاحتلال في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ورفع دعاوى ضد قادة وجنرالات الاحتلال أمام المحاكم الوطنية للدول الديمقراطية التي تسمح أنظمتها القانونية بذلك وعدم إدخال أي جهد على الصعيد الوطني والدولي لإنهاء هذا الملف الإنساني الهام.
 
كما أستذكر مركز "شمس" في بيانه روح المناضل سالم خلة أبو زياد، الذي قاد الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء باقتدار وبإنكار للذات حتى النفس الأخير له، والدور الهام الذي يلعبه الزملاء والزميلات في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لجهودهم الكبيرة التي يبذلوها ، ولحملهم هذا الملف الوطني وبشكل طوعي بمهنية قل نظيرها.

كما وطالب مركز "شمس" مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة والأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف، والدول المتعاقدة والموقعة على اتفاقية روما، والمقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري، واللجنة الدولية المعنية بحالات الاختفاء القسري والمنبثقة عن الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، والمؤسسات الحكومية والغير حكومية، بضرورة التدخل الفاعل في هذا الملف الإنساني الهام وتسخير كافة جهودها وإجبار حكومة الاحتلال على الإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة ليتمكن ذويهم من دفنهم ووقف معاناتهم المستمرة.

أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك