شهدت الأسواق المالية تغيراً كبيراً في المعنويات، حيث تحولت من اتجاه صعودي إلى حالة من الذعر في غضون أسابيع قليلة، بحسب تقرير نشرته مجلة إيكونوميست.
انخفاض حاد في أسواق الأسهم
كانت أسواق الأسهم تصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، لكنها الآن في انخفاض حاد. مؤشر ناسداك 100 الأميركي، الذي يهيمن عليه عمالقة التكنولوجيا، انخفض بأكثر من 10% منذ منتصف يوليو/تموز. كما شهد مؤشر توبكس الياباني انخفاضًا أكبر، حيث تراجع بأرقام مزدوجة بنسبة 6% في الثاني من أغسطس/آب وحده، ما يجعله أسوأ يوم له منذ عام 2016 وأسوأ سلسلة ليومين منذ عام 2011.
ذعر في الأسواق
شهد مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات، الذي يتتبع شركات صناعة الرقائق عالمياً، انخفاضاً حاداً بأكثر من 20% في الأسابيع الأخيرة. فقدت شركات مثل "آرم" 40% من قيمتها السوقية، وواجهت إنفيديا فترة متقلبة حيث انخفضت أسهمها بنسبة 7%، ثم ارتفعت بنسبة 13%، ثم انخفضت مرة أخرى بنسبة 7% في 3 أيام فقط. وفي الثاني من أغسطس/آب، انخفضت قيمة "إنتل" بأكثر من 25%، كما انخفض مؤشر "كيه بي دبليو" لأسهم البنوك الأميركية بنسبة 8%، وسقطت أسهم البنوك اليابانية بشكل مماثل.
الملاذات الآمنة تحت الضغط
الأصول التقليدية الآمنة مثل الذهب والين الياباني والسندات الأميركية شهدت ردود فعل متباينة. انخفض الذهب، الذي يعمل عادة كوسيلة تحوّط ضد الفوضى في الأسواق، بأكثر من 2% في الثاني من أغسطس/آب. يشير هذا الانخفاض غير المعتاد إلى أن المستثمرين ربما يكونون قد باعوا الذهب لجمع السيولة بسرعة لتلبية نداءات الهامش، ما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في السوق.
عوامل الذعر في السوق
بحسب إيكونوميست، هناك عدة عوامل رئيسية تساهم في الاضطرابات الحالية في السوق:
حقائق صناعة الذكاء الاصطناعي وصناعة الرقائق
التحقق من أن قطاع الذكاء الاصطناعي، وخاصة صناعة الرقائق، قد لا يرقى إلى التوقعات العالية التي وضعت خلال ازدهار السوق السابق. أصدرت الشركات التقنية الكبرى مثل ألفابت وأمازون وآبل وميتا ومايكروسوفت تقارير أرباح خيبت آمال المستثمرين، ما أدى إلى تراجع كبير في أسعار أسهمها. حتى ألفابت ومايكروسوفت، اللتان فاقت عائداتهما توقعات المحللين، شهدتا انخفاضاً في أسعارهما في اليوم التالي للإبلاغ عن النتائج. أما أمازون، التي لم تلبِ التوقعات، فقد واجهت عقوبات أشد من المساهمين.
مخاوف الاقتصاد الأميركي
أظهر الاقتصاد الأميركي علامات ضعف، حيث ارتفع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في 3 سنوات بنسبة 4.3% في يوليو/تموز، مع إضافة 114 ألف وظيفة فقط، وهو أقل بكثير من المتوقع بـ175 ألفاً. أدى هذا الارتفاع في البطالة والنمو المنخفض في الوظائف إلى زيادة المخاوف من ركود محتمل. بدأ المتداولون في الرهان على أن البنك الفيدرالي سيخفّض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في الاجتماع القادم في سبتمبر لمنع حدوث هذا التباطؤ.
قوة الين الياباني
أدى تعزيز الين السريع جزئياً؛ بسبب قرار بنك اليابان المفاجئ برفع أسعار الفائدة في 31 يوليو/تموز، إلى انخفاض أسعار الأسهم اليابانية. فك الصفقات التجارية، حيث قام المستثمرون بالاقتراض بسعر منخفض في الين للاستثمار في أصول ذات عائد أعلى، أضاف طبقة جديدة إلى عدم الاستقرار في السوق.
المستقبل والتوقعات
الاضطرابات الحالية في السوق تثير تساؤلات مهمة حول المستقبل. الانخفاض الكبير في أسعار الذهب وأسهم البنوك يثير قلقاً كبيراً. يعتمد ما إذا كان الأسبوع المقبل سيشهد مزيداً من الانخفاضات على معنويات وسلوك المستثمرين.