غزة- مدلين خلة - خاص صفا
"كنا نغسل 3 مرات أسبوعيًا، لمدة أربع ساعات في كل مرة، لكن اليوم أصبحنا نغسل مرة أو مرتين لمدة ساعتين فقط، وبالكاد نستطيع أن نتحرك أو نقوم بأي جهد من أجل مقاومة المرض".
بهذه الكلمات جسدت المواطنة منال الغندور (33عامًا) معاناتها مع مرض الفشل الكلوي، في ظل نقص الإمكانيات الصحية، ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الأدوية الخاصة بهؤلاء المرضى إلى شمالي قطاع غزة.
وبات تعطل جهاز الكلى الصناعية أو تضرر جزء منه كابوس يُؤرق آلاف المرضى الذين يعانون الفشل الكلوي في قطاع غزة.
وتتفاهم الأزمة المعيشية والصحية لمرضى الكلى، في ظل انهيار المنظومة الصحية شمالي القطاع، خاصة بعد خروج مستشفى الشفاء عن الخدمة، واحراق جيش الاحتلال لمبانيه كافة، فضلًا عن منع دخول الأدوية اللازمة.
معاناة متفاقمة
الغندور، إحدى مريضات الفشل الكلوي شمالي القطاع، تروى معاناتها في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على غزة، قائلة: "فش أكل ولا شرب واحنا كمرضى محتاجين غذاء ومقويات، احنا بنموت كل يوم وما حدا سائل عنا".
وتضيف "قبل الحرب كنا نغسل ثلاث مرات بالأسبوع لمدة أربع ساعات بالجلسة، وبالكاد نقدر أن نتحرك أو نقوم بعمل أي جهد، لكن الآن نغسل يوم أو يومين بالأسبوع وساعتين بالجلسة الواحدة".
وتتابع "كنا نأخذ ونحن على ماكينة غسيل الكلى بروتينات وفيتامينات خاصة، كي تنزل كافة السموم بالجسم، لكن هاد الشيء الآن لم يعد موجودًا، ما يجعل المواد السامة تتراكم في أجسامنا، وتسبب لنا مضاعفات لا نستطيع تحملها".
حرمان وفقدان
ويعاني مرضى الكلى من الحرمان والفقدان والوجع المتزايد، مع ظهور أعراض جديدة على أجسادهم، مثل "الدوخة والصداع وفقدان التوازن".
وتقول الغندور: "المياه الصالحة للشرب غير متوفرة، ونضطر لشرب مياه بئر مالحة، مما تضر في عمل الكلى، وتُقصر عمرها".
وفي قسم غسيل الكلى داخل مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع ترقد أجساد أنهكها المرض، وباتت تُصارع الموت والحرب والحرمان، وأغلبهم يكون الموت الأسرع في النيل منهم.
وتضيف الغندور "رأينا الكثير من المرضى ماتوا وهم على ماكينة الغسيل أو في بيته، جراء سوء التغذية وقلة فترة الغسيل".
وتتابع "قبل الحرب كنا نتعامل مع الغسيل على أنه علاج ونتحسن بعد الجلسة، لكن اليوم أصبح أداة للموت تهدد صحتنا وحياتنا".
"لكن في الحرب عانينا كثيرًا، خاصة بعد اجتياح مجمع الشفاء وتدمير المبنى الخاص بمرضى الكلى، حتى أصبحنا في غزة والشمال نغسل على جهاز واحد، وهذا ما يؤثر على صحة المرضى عبر نقل الأمراض بينهم، في ظل عدم وجود مواد تطهير وتعقيم خاصة".
وتشير إلى أن الأطباء عرضوا عليهم النزوح إلى جنوبي القطاع من أجل إجراء غسيل للكلى في مستشفى ناصر.
وتضيف "لكن كيف لنا أن نذهب للجنوب ونعيش في خيمة، ونشعر بالقهر والظلم أكثر بكثير من هنا، نحن نفضل الموت هنا أهون علينا من النزوح للجنوب والعيش في الخيم".
ورغم الآلام التي يتجرعها مرضى الكلى، إلا أنهم يُصرون على تحدي الوضع الراهن والبقاء شمالي القطاع، والموت بين أبنائهم وذويهم.
ر ش