أكد المدير العام لوزارة الصحة في غزة الطبيب منير البرش أن الوضع الصحي في شمالي القطاع "مرير للغاية" بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة للشهر العاشر على التوالي، واقتحام قوات الاحتلال المستشفيات وتدميرها، ومنع إدخال الأدوية، وسفر الجرحى.
وأوضح الطبيب البرش، الذي يرأس لجنة الطوارئ الصحية في شمالي غزة، خلال حوار مع وكالة "صفا"، أن المستشفيات تعرضت للاقتحام والتخريب، وخرجت عديد أقسامها عن الخدمة، في وقت قتل جيش الاحتلال عددًا من الأطباء والممرضين واعتقل آخرين، لدفع المنظومة الطبية للانهيار.
وبيّن أن المنظومة الصحية في شمالي القطاع خسرت الكثير من الكوادر المهنية الرئيسية بفعل حالة النزوح القسري إلى جنوبي القطاع، وهو ما تحاول الوزارة تعويضه عبر الاستعانة ببعض الوفود الخارجية، ولاسيما في تخصصات دقيقية كجراحة المخ والأعصاب، والتجميل، والمسالك البولية.
وأشار إلى أن نحو ألف كادر صحي فقط موجودون في شمالي القطاع من أصل نحو 12 ألفًا؛ بفعل سياسة النزوح القسري التي فرضها جيش الاحتلال، وهو ما زاد العبء على المنظومة الطبية بشكل خطير.
احتياجات عاجلة
وبيّن أن المشافي بحاجة ماسة إلى الوقود، والأدوية والمستلزمات الطبية، والأجهزة الطبية، وقطع غيار المولدات الكهربائية التي تعمل منذ أكثر من تسعة أشهر بشكل مستمر، عدا عن ضرورة إعادة الكوادر الطبية إلى أماكن عملها في شمالي القطاع.
ولفت إلى أن من أبرز الأجهزة الطبية التي تحتاجها مستشفيات شمالي القطاع جهازي "سي تي سكان" (CT scan)، وMRI (الرنين المغناطيسي) بعد أن دمرتهما قوات الاحتلال، إلى جانب الأدوية التخصصية لأمراض الثلاسيميا والهيموفيليا والروماتويد والسرطان بعديد أشكاله.
وأوضح أنّ المشافي تضطر لإخراج جميع المنومين، وخاصةً الذين أُجريت لهم عمليات جراحية مؤخرًا؛ لتتمكن من استيعاب أكبر عدد ممكن من المرضى والجرحى الجدد".
وقال الطبيب البرش، لوكالة "صفا": "للأسف.. الناس تموت أمام أعيننا ولا نستطيع فعل أي شيء لهم. نضطر لوضع الجرحى في ممرات المستشفيات، ونستثمر كل زاوية من أجل إنقاذ حياة المواطنين، لكن الوضع مرير وصعب للغاية".
إغلاق المعابر
وأكد وجود أكثرمن 25 ألف طلب تحويل للعلاج خارج قطاع غزة، لم يحصل سوى 5 آلاف منهم على الموافقة من الجانب المصري خلال الأشهر الماضية، قبل احتلال قوات الكيان الإسرائيلي معابر غزة وإغلاقها منذ أكثر من 80 يومًا.
وطالب المسؤول الطبي بضرورة فتح معبر رفح وتسريع تحويل المرضى للعلاج بالخارج، والسماح بدخول الوفود الطبية التخصصية، وإدخال مواد لإعادة إعمار المستشفيات، وبناء مستشفيات أخرى.
أسلحة حارقة
وشدد المسؤول الطبي على أن "إسرائيل تستخدم أنواعًا من الأسلحة تسبب حروقًا كبيرة بأجساد الضحايا، إذ يظهر العظم من داخل الجسم، وفي بعض الحالات يكون العظم محروقًا من شدة الإصابة".
ويضيف "هناك بعض الحالات تصل إلى المستشفى ولا نستطيع التعامل معها نتيجة التهتك الشديد ودرجات الحروق التي لم نرها طوال مسيرة عملنا".
محاولة "إحياء المستشفيات"
وأشار المدير العام لوزارة الصحة في غزة لوجود محاولات لـ"إحياء" مشافي شمالي القطاع من خلال إعادة تشغيل وترميم بعضها، بعد تدميرها من قوات الاحتلال.
ولفت إلى أنه أًعيد ترميم الطابقين الأول والثاني في المستشفى الأندونيسي، وما زالت أعمال ترميم الطوابق المتضررة في المستشفى مستمرة، مع جهود لزيادة سعته السريرية، بالإضافة إلى أعمال ترميم في مركز غسيل الكلى المجاور.
وأوضح الطبيب البرش أن المستشفى الأندونيسي يستقبل جميع حالات شمالي القطاع، ومعظم حالات المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة؛ لأن العناية المركزة لا توجد إلا به، في وقت خُصص مستشفى كمال عدوان للأطفال، ومستشفى العودة لجراحة العظام وبعض التخصصات الأخرى.
وتابع "هناك جهد أيضًا من أجل ترميم قسمي الاستقبال والولادة في مجمع الشفاء الطبي، وبعض أقسام مستشفى الرنتيسي للأطفال، ومستشفى أصدقاء المريض بمدينة غزة".
رسالة للعالم
ووجه المسؤول الطبي رسالة إلى العالم بضرورة وقف حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا، وفتح معابر القطاع، وفك الحصار، وإمداد الطواقم الطبية بالأدوية والمعدات، وإدخال الوفود الطبية المتخصصة بشكل عاجل، وإخراج المرضى من أصحاب التحويلات للعلاج في الخارج.
وأكد أن "حالة الإسناد التي تطمح لها وزارة الصحة تتطلب خطة دعم عاجلة للخروج من حالة الطوارئ إلى حالة التعافي لإنقاذ أرواح الفلسطينيين".