web site counter

متحديا بازار الموت الوفير

يوسف أبو ربيع يواجه التجويع بإعادة الحياة الزراعية لشمالي القطاع

غزة - صفا- مدلين خلة

لم يعدم أهالي شمالي قطاع غزة الوسيلة، تسلحوا بصمودهم وكرم عطاء الأرض التي احتفظت بخصوبتها لتعيد الأمل بالحياة لذويها الذين آثروا الموت جوعا على تركها للعدو الغاصب، وتحدت معهم مؤامرة التجويع التي فرضتها عليهم "إسرائيل".

رحلة محفوفة بالمخاطر خاض عراكها المهندس يوسف أبو ربيع وشقيقه، فبعد عودته لمنطقة سكنه عقب انسحاب الاحتلال الإسرائيلي منها، أعلن عن تحديه لحرب التجويع بزراعة الأراضي شمالي القطاع.

القلة والعوز والجوع الذي تجرع ألمه أهالي شمالي غزة لـ9 أشهر، دفعت الشاب العشريني لإيجاد حلول خيالية وتحويلها إلى حقيقة.

يوسف وعائلته حالهم كآلاف العائلات التي تقطن أقصى شمالي القطاع، فمع بدء رحلة النزوح القسري، كانت بذور بعض الأشتال رفيقته في تعبه وترحاله، وبقي الانتظار للعودة يستوطن فكره ومخيلته.

وعند عودة يوسف لبيته عقب إعلان جيش الاحتلال عن انسحابه من المناطق الشمالية، كانت صدمته كبيرة؛ فالبيت سوي بالأرض التي لبست ثوب الجفاف بعدما كانت تتزين بردائها الأخضر، فالجرافات الإسرائيلية اقتلعت كل شجرة وورقة خضراء حتى أضحى المشهد يوحي بفقدان الأمل في زراعة الأرض وإعادة تأهيلها، خاصة وأن الحرب لم تنته بعد واحتمال اجتياح المنطقة من جديد وارد.

كان نور الشمس الذي يسطع كل يوم بعد ظلام حالك دامٍ بصيص الأمل ليوسف وشقيقه اللذَيْن عملا على استصلاح جزء من الأرض وزرع بعض بذور الكوسا واليقطين والخيار والبندورة وخضروات أخرى حصلا على بذورها من تحت ركام المنازل المدمرة.

"قررنا نزرع 150 دونما، زرعنا فيها ملوخية، كوسا، خيار وبعض الخضراوات، كان هدفنا الأول المزارع والعائلات، لحثهم على الزراعة من أجل سد جوعهم بعد حرمان 9 شهور" هكذا علق يوسف على مشروعه.

كانت الزراعة القشة التي يتعلق بها يوسف وشقيقه لإنقاذ أهالي شمالي القطاع من الاستسلام للواقع والغرق في تيه حرب التجويع.

وبنبرة تحدٍ قال يوسف "نعمل على إعداد مشتل بسيط للخضراوات من خلال عملية تبذير من المحاصيل السابقة، إضافة إلى البحث عن محاصيل مستوردة، وهي غير موجودة لكن لن يكون هذا عائقا أمامنا، فنحن سنتحدى الواقع قدر المستطاع".

عكف يوسف على مبادرة التغذية الذاتية، واجتمع بعدد من المزارعين واتفقوا على ضرورة إنتاج الخضار مهما كان الثمن.

ولم تقف المبادرة عندهم فقط، بل تعدتهم ووصلت لآخرين، حيث قام الشقيقان والمزارعين بتوزيع البذور والأشتال على الناس ليزرعوها في بيوتهم أو مراكز الإيواء لسد رمق أطفالهم دون انتظار المساعدات الغذائية التي تدخل شمالي القطاع بالقطارة وبمزاجية الاحتلال.

هكذا هي الأرض، تعطي أصحابها دون ملل أو كدر، وأكثر عطائها عندما تشعر بحاجتهم لها، لا تتخلى عنهم وتستنفد طاقتها لأجلهم، فكل مركز إيواء بشمالي القطاع يحتوي زاوية زراعية، وكل بيت تجد به بعض أصناف الخضار التي خلت منها أسواق غزة وشمالها.

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام