رغم التغوّل الإسرائيلي عليها.. هل تنتظر السلطة موتها البطيء؟

رام الله - خاص صفا

تصريحات وإنذارات واستجداءات يطلقها قيادات في السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" حول ما تتعرض له الأولى مؤخرًا من تهميش وإقصاء إسرائيلي، وصولاً إلى رغبة القضاء عليها وتدمير مقدراتها.

ورغم تماهي السلطة بشكل -شبه كلي- مع الاحتلال كما يرى مراقبون؛ إلا أن قياداتها تحذر وبصورة غير مسبوقة من محاولات إسرائيلية لإنهائها، من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية، والتهديد بتسليم المستوطنين لإدارة شؤونها.

وعن ذلك، يقول الباحث سليمان بشارات بمركز "يبوس" للبحوث الاستراتيجية إن "الدافع من التصريحات الفلسطينية في هذا التوقيت، هو لمحاولة إظهار مدى استهداف السلطة ككيان سياسي وأن الاحتلال وجميع أذرعه يعملون على ذات المنهجية التي تسعى لإضعاف السلطة، بهدف تعزيز مشروع الدولة اليهودية والاستيطان".

ويضيف بشارات في حديث لـ"صفا" أن قيادات حركة فتح يعرفون ذلك منذ زمن بعيد، ويطلقون تصريحات بشأن استهداف السلطة، ومحاولات إنهاء دورها.

لكنه يلفت إلى أن تصريحات القيادات لا تتعدى توصيف الحالة، وأنهم يعرفون طبيعته وأدواته، دون اعتماد إستراتيجية أو منهجيات لمواجهة ذلك الاستهداف.

ويتطرق بشارات إلى أن قرارات المجلس الوطني واللجنة المركزية، وكل القرارات المتعلقة بمواجهة خطط الاحتلال، بقيت رهينة القرارات غير المفعلة وغير المطبقة على الأرض، وهذا يدلل على أن المواقف التي تصدر حتى هذه اللحظة تصدر من حالة ضعف.

ويرى الباحث أن ما يصدر عن القيادات الفلسطينية في هذا التوقيت هو حالة استعطاف للمجتمع الدولي وأن الهدف الأساسي من حالة الاستعطاف لضمان تعزيز تمويل وضخ تمويل للسلطة لضمان بقائها.

وبحسب بشارات، فإن المنهجية التي تسير عليها السلطة وقياداتها والتي تقوم على "الاستعطاف والدبلوماسية"، وتحييد باقي الأدوات الأخرى كالمقاطعة السياسية والاقتصادية أو سحب الاعتراف من الاحتلال وإلغاء التعامل مع اتفاقيات أوسلو والتعامل مع باقي الخيارات، كل ذلك ساهم في إضعاف السلطة.

ويقول إن "عدم تفعيل السلطة للخيارات المطروحة على مدار سنوات، يدلل على أنها لا تمتلك الجرأة على تغيير المنهجيات والأدوات، لأنها تدرك أن التغيير يعني أنها ستكون أمام مواجهة الاحتلال".

ووفق بشارات، فإن "مجرد تفكير السلطة بتغيير الاستراتيجيات، ستصبح محلاً للاستهداف، وأن القيادات في الوقت الحالي غير مهيأة لأن تكون من ينادي بإمكانيات الذهاب للأدوات الأخرى لمواجهة ما يقوم به الاحتلال".

ما المطلوب؟

وحول الواجب المترتب على السلطة القيام به، يوضح بشارات أن على السلطة تفعيل القرارات الصادرة عن المجلسين "الوطني" و"المركزي"، والتي تم التلويح بها، وتم الإقرار بقطع العلاقات مع الاحتلال، وسحب الاعتراف ووقف التعامل مع اتفاقيات أوسلو وتبعاتها، معتبرا ذلك أقل الخيارات وأضعفها.

ويتطرق بشارات إلى خيارات يمكن للسلطة القيام بها، والتي تتمثل بتعزيز الوحدة الفلسطينية ووضع استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال بكافة الأدوات والمنهجيات، وأن بإمكان السلطة الذهاب للمقاطعة الاقتصادية والانفكاك عن الاحتلال، ووقف الدبلوماسية السياسية حتى في المحافل الدولية.

بدوره، يقول المحلل السياسي عمر رحال، إن الخيار الوحيد الآن أمام السلطة، هو تسليم مفاتيح السلطة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وعليهم تحمل مسؤولية 13 مليون فلسطيني.

ويبين رحال في حديث لـ"صفا" أن "السلطة تنازلت في المفاوضات وقبلت سياسة الأمر الواقع، ولم يعد لديها شيء تقدمه أمام الاحتلال، ومع ذلك لا يزال الاحتلال على مواقفه.

ويرى رحال أن الحل يكمن في الانفكاك من اتفاقيات الاحتلال السياسية والاقتصادية، وكل الاتفاقيات الأمنية، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، وهي الورقة الوحيدة في يد السلطة، لأنها استفدت جميع الأوراق.

ويتطرق رحال إلى أن قرار الاحتلال بأن تبقى السلطة كـ"سلطة وظيفية"، بدون دولة مستقلة، وأن المفاوضات منذ البداية كانت باتجاهين، حيث تركز الأول على القضايا العادية والآنية، والثاني بقضايا الوضع النهائي يتعلق بالقدس والحدود واللاجئين المياه، وأن جميع المفاوضات لم يتم الإشارة فيها إلى إقامة دولة مستقلة.

ويقول "موضوع إنهاء السلطة قرار إسرائيلي، فعندما تصل إسرائيل إلى أن لا طائل من السلطة ستقوم بإنهائها، ولكن ما دامت تقوم بدور تراه "إسرائيل" ضروري لأمنها فإن السلطة ستبقى على الأرض.

ع ع/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك