لا يكاد يمر يوم دون اشتعال الحرائق على الحدود الشمالية الفلسطينية، بفعل ضربات المقاومة اللبنانية المتواصلة، إذ أتت الحرائق على مساحات واسعة من الأراضي والغابات والمتنزهات لدولة الاحتلال.
وشكلت الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها حزب الله من جنوبي لبنان، إرباكا مستمرا لسكان الكيان، فإلى جانب استهدافها لمواقع عسكرية، فإنها تتسبب بنشوب حرائق كبيرة وضخمة، بعضها استمر في الاشتعال والتمدد عدة أيام.
وحول ذلك، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، في حديث خاص لوكالة "صفا"، إن "مسألة الحرائق قديمة جديدة في دولة الاحتلال، ولطالما كانت الدولة على عهد مع الحرائق في الشمال، لكن لأول مرة تندلع الحرائق فترة طويلة جدا بسبب الحرب".
ويضيف أبو العدس أن الحرائق أتت على أكثر من 40 ألف دونم من الأراضي، الأمر الذي تسبب بخسائر اقتصادية مباشرة.
ويشير أبو العدس إلى أن المناطق التي احترقت أغلبها مناطق سياحية، ومناطق محميات طبيعية ومزارع كرز وفواكه، ما تسبب بحالة كبيرة جدا من السخط والغضب لدى المستوطنين.
ويتطرق المختص إلى أن "صور الشمال الذي يحترق ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، لدى جمهور الاحتلال، حيث انقسم المستوطنون بين متهكمين على جالانت وخطه الأحمر وتداولوا تصريحات ساخرة وتهديداته إلى لبنان وأن إسرائيل هي من عادت إلى العصر الحجري، وأن الخط الأحمر أصبح خطًا ناريًا داخل إسرائيل".
ويلفت إلى أن قسما كبيرا من المستوطنين يشعر بالغضب الشديد جدا بسبب الحرائق، معتبرين ذلك تآكلا في قدرة "الدولة" على ردع أعدائها.
ويقول أبو العدس إن "شريحة من المستوطنين ترى أن الحرائق بهذا الشكل وبهذه الطريقة سلاح استنزاف يستخدمه حزب الله ضدهم، لا سيما أنها سببت خسائر اقتصادية كبيرة جدا، وسببت حالة من الإحباط الشديد لدى عموم السكان، حيث أن الشمال كان يرمز إليه بالطبيعة الخلابة والمناظر الجميلة والمناطق التي كانت تجذب السياحة الداخلية، لكنها الآن أصبحت خرائب محترقة".
أما الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد دراغمة، فيرى أن موضوع الحرائق على الحدود الشمالية بسبب أعمال المقاومة اللبنانية، مسألة مهمة ومقلقة للمستويات السياسية والعسكرية لجيش الاحتلال.
لكن دراغمة يعتبر، في حديث خاص لـ"صفا"، أن قضية الحرائق باتت أقل تأثيرا، إذا ما قيست بحجم الخسائر الإسرائيلية، بعد أن طالت صواريخ حزب الله وطائراته المسيرة قواعد عسكرية مهمة ومعسكرات مراقبة وأجهزة تجسس ورصد.
ويقول إن "تأثير الحرائق العملياتي والنفسي على دولة الاحتلال، أصبح أقل تأثيرا، حتى أنه بإمكان الجيش تلاشيها مقارنة مع ما يستهدفه حزب الله من مواقع عسكرية في الشمال".
ويرى دراغمة أن عجز الاحتلال عن مواجهة الطائرات المسيرة، وتصوير خليج حيفا والتقاط الصور للأماكن الحساسة في الكيان والعودة إلى لبنان، باتت القضية الأهم والأبرز في الشمال، رغم تأثير الحرائق الواسع والخسائر التي تتسبب بها.