قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن "إسرائيل" ارتكبت مجزرة جديدة ضد خيام النازحين الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة، بعد أقل من مرور 30 ساعة على المجزرة المروعة الأولى المماثلة قرب مخازن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في المنطقة التي أعلنتها إنسانية غربي المدينة.
وأفاد المرصد الأورومتوسطي في بيان له، يوم الثلاثاء، بأن فريقه الميداني وثق استشهاد سبعة مدنيين منهم 4 نساء، بعدما استهدفت طائرات إسرائيلية فجر يوم الإثنين 28 مايو/أيار، بالقصف مرة أخرى خيام النازحين في محيط بركسات وكالة "الأونروا" في منطقة تل السلطان شمال غرب مدينة رفح.
وذكر الأورومتوسطي أن جميع ضحايا المجزرة الجديدة هم من أفراد عائلتين؛ هما "أبو جراد" و"طنبورة"، وهم نازحون قسرًا من مدينة غزة وشمالها، بعد أن أجبرتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي على ترك منازلهم والتوجه إلى المناطق الجنوبية، لتستهدفهم بالقصف الجوي في خيام النزوح.
وأشار إلى أن الاستهداف الجديد وقع في المنطقة نفسها التي قصفت فيها الطائرات الإسرائيلية خيام النازحين مساء الأحد الماضي 26 مايو/أيار الجاري، ما أدى إلى استشهاد 45 فلسطينيًا، منهم 9 أطفال و12 سيدة و3 مسنين.
وشدد الأورومتوسطي على أن الاستهداف الجديد يدلل إصرار "إسرائيل" على تجاهل كل المواقف الدولية التي أدانت مجزرة الأحد، واستمرارها بارتكاب أفظع الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة بهدف إبادتهم، في انتهاك صارخ وجسيم لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.
وقال الأورومتوسطي إن القصف الجديد على ذات المكان وتكرار استهداف النازحين الآمنين في الخيام، يشير إلى خلاف ما أعلنه مسؤولون إسرائيليون أنهم يجرون مراجعة وتحقيقًا في زيادة أعداد الضحايا الجانبية في المجزرة الأولى، والتي جرى تبريرها بأنها استهدفت قياديين في فصائل فلسطينية، وأن ما حصل هو خطأ مؤسف.
وأشار الأورومتوسطي إلى حادثة أخرى استشهد فيها اثنان من الطواقم العاملة في مستشفى الكويت التخصصي في رفح، أمس الاثنين؛ جراء استهدافهما من طائرات مسيّرة إسرائيلية على بوابة المستشفى وهما: رشيد برهوم (23 عامًا) ومصعب العرجا (22 عامًا).
كما أشار الأورومتوسطي إلى إعلان إدارة مستشفى الكويت في رفح خروجه عن الخدمة بسبب توسيع الهجوم العسكري الإسرائيلي على رفح والاستهدافات المتكررة والمتعمدة لمحيط المستشفى، والتي كان آخرها استهداف بوابة المستشفى.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن "إسرائيل" ترد على قرار محكمة العدل الدولية الأخير الذى أمرها بوقف كافة عملياتها في المحافظة، والمطالبات الدولية بوقف الهجوم، بتوسيع دائرة القتل والاستهداف المباشر للمدنيين، وتعميق التوغل وزيادة وتيرة القصف الجوي والمدفعي.
وعاشت رفح في الساعات الماضية ليلة قاسية لم يتوقف فيها القصف، مما اضطر الآلاف للنزوح القسري تحت نيران القصف، في حين توغلت قوات إسرائيلية لتتمركز على تلة "زعرب" الأثرية على الحدود الفلسطينية المصرية وتباشر بأعمال تجريف في المنطقة، بما في ذلك أعمال تجريف ونبش في مقبرة مجاورة للتلة.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنه وثق استشهاد أكثر من 82 فلسطينيًّا منهم 18 امرأة و15 طفلًا خلال أقل من 100 ساعة على قرار محكمة العدل الدولية مساء الجمعة الماضية القاضي بوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على مدينة رفح، والذي استهدف خلاله حتى الآن 216 فلسطينيًّا، أغلبهم من النساء والأطفال.
وأبرز الأورومتوسطي أن حصيلة الضحايا هذه غير نهائية، كونها تشمل فقط من تمكنت الطواقم الطبية من نقلهم إلى المستشفيات والمراكز الطبية، في حين ما يزال عشرات الضحايا في الشوارع وتحت أنقاض المنازل التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية.
وقال الأورومتوسطي إن ارتكاب "إسرائيل" هذه المجازر ضد النازحين في رفح يعد إمعانًا في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي ولقرار محكمة العدل الدولية بضرورة وقف الهجوم على المحافظة، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" لم تتأخر بالمجاهرة في رفض قرار المحكمة، من خلال تكثيف القصف والقتل والتدمير فور انتهاء الجلسة وما بعدها.
وشدد على أن المدنيين في رفح يدفعون ثمن الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي تنتهك على نحو جسيم قواعد القانون الدولي الإنساني، وبخاصة مبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية.
ولفت إلى أنه نتيجة للهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل على رفح، ما يزال يتعذر الوصول إلى مركز التوزيع التابع لوكالة الأونروا ومستودع برنامج الأغذية العالمي، وكلاهما في رفح، في وقت ما تزال القوات الإسرائيلية تغلق معبر رفح الحدودي أمام حركة السفر، بما في ذلك سفر المرضى والجرحى منذ سيطرة جيش الاحتلال على المعبر فجر 7 مايو/أيار، وتواصل منع إدخال المساعدات الإنسانية من خلاله من قبل ذلك بيوم واحد.
وبناء على ما سبق، جدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بفرض العقوبات الفعالة على "إسرائيل"، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات نقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وإلا كانت هذه الدول متواطئة وشريكة في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية.
كما حث المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية على المضي في التحقيق في كافة الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الجرائم لتشمل جميع المسؤولين عنها، وإصدار مذكرات قبض بحقهم، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة، كونها من الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.