عشرات الجرافات و(البواكر) والمعدات الزراعية ومعدات شق الطرق والرصف صادرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، بحجة العمل في المناطق المصنفة "ج" بالضفة الغربية المحتلة.
وتشكل تلك المعدات العمود الفقري لبناء المنازل والإصلاح الزراعي والتعبيد، إذ أنها معدات غالية الثمن يتجاوز سعرها عشرات ومئات آلاف الشواقل.
ورغم عمليات المصادرة التي تقوم بها سلطات الاحتلال منذ سنوات، فقد شهدت الأشهر الماضية بعد السابع من أكتوبر 2023، حملة شرسة ومنظمة لمصادرة الجرافات واحتجازها لأيام وأشهر وتهديد أصحابها وتغريمهم غرامات مالية باهظة، عدا عن تقديمهم للمحاكمة.
الناشط في شؤون الاستيطان عوض أبو سمرا يقول إن: "سياسة مصادرة المعدات من جرافات وبواكر وتركتورات وآليات زراعية في محافظات الضفة هي سياسة قديمة جديدة، هدفها دفع المواطنين والمزارعين لترك أراضيهم وإبقائها دون عمران وتأهيل، لتسهيل الاستيلاء عليها من قبل ما تسمى "الإدارة المدنية" تحت قانون "أملاك الغائبين".
ويضيف أبو سمرا لـ"صفا"، أن مصادرة المعدات يتسبب بوقف بناء المنازل وتمددها، ووقف شق الطرق واستصلاح الأراضي التي غالبًا ما تحتاج لمعدات ثقيلة، ما يتسبب بتحجيم القرى والبلدات وتحجيم النشاط الزراعي، في مقدمة لإبعاد المواطنين عن أراضيهم كي يسهل الاستيلاء عليها.
ويرى أبو سمرا أن ما يجري في بلدات الضفة، هي سياسة متعمدة تهدف في المحصلة إلى تمدد المستوطنات وانتشار مزيد من البؤر الاستيطانية، وشق الطرق الالتفافية.
ويتطرق إلى أن حجج الاحتلال هي البناء وشق الطرق في مناطق "ج" وعدم الحصول على التراخيص، وهي حجج واهية الغرض منها المصادرة، لافتًا إلى مصادرة جرافتين في قرية دير جرير شرق رام الله خلال العمل في المناطق المصنفة "ب" وبين المنازل، وكذلك مصادرة جرافة في قرية المغير، ومصادرة جرار زراعي في قرية دوما.
وحول سبل التصدي لتلك الإجراءات، يقول الناشط إن: "الاحتلال ارتكب مئات المجازر في قطاع غزة ولم تستطع أي دولة وقف العدوان سوى صمود المواطنين وثباتهم، وهذا ما يجب القيام به في الضفة، وهو التمسك بالأرض والاستمرار بالعمل رغم المصادرة والاعتداءات وكافة ممارسات الاحتلال ومستوطنيه".
ويدعو أبو سمرا إلى الاستمرار في بناء المنازل وإعمار الأراضي ومواصلة شق الطرق الزراعية وتعبيد الشوارع، حتى لو اضطر المواطنين للعمل بأيديهم والتوجه للأراضي والعمل من خلال الدواب وجميع الأدوات، مؤكدًا أن الثبات في الأرض وديمومة العمل فيها هي السبيل الأوحد لوقف كافة الممارسات، وأن الصمود والرسوخ في الأرض يثبت الحق بها، وبتركها تصبح ملك غيره.
بدوره، يقول رئيس مجلس قروي دير جرير أيمن علوي، إن: "الاحتلال صادر قبل أيام جرافتين كبيرتين "باكر" خلال عملها في أراضي القرية، رغم أن المنطقة التي تعمل فيها الجرافات مصنفة "ب"، حيث أحضر الاحتلال قوة عسكرية وسحب الجرافات منها".
ويتابع علوي لوكالة "صفا"، أن الاحتلال سبق وأن عاين موقع عمل الجرافات وتأكد من عملها في منطقة "ب"، ولدينا من الصور ما يثبت ذلك، إلا أنه أصر على مصادرتها.
ويلفت علوي إلى أن هدف الاحتلال من ذلك، هو خلق حالة فراغ بين المواطنين وأراضيهم، ومحاولات لتهجير و"تطفيش" الأهالي والمزارعين من مناطق عملهم ومزارعهم، وخلق حالة من الرعب، سيما وأن أسعار المعدات المصادرة تقدر بمئات آلاف الشواقل، ما يشكل عبئًا كبيرًا على أصحابها.
ويقول: "غياب الحماية للمواطنين والمعدات دفع الكثير منهم لترك العمل في أراضيهم، جراء اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال"، ويضيف "رغم إصرار المواطنين على مواصلة العمل، إلا أن مصادرة المعدات تشكل حالة خوف لكل من يحاول العمل في المنطقة المستهدفة، وهناك الكثير من المواطنين من تم وقف العمل في أراضيهم بعد دفعهم مبالغ مالية طائلة لاستصلاحها وأصبحت تعاني الخراب".
لكنه يؤكد على وجود محاولات مستمرة من المواطنين والمزارعين للاستمرار في العمل واستصلاح الأراضي وتزويد المناطق بشبكات مياه وخدمات وشق الطرق؛ لضمان البقاء فيها وعدم إعطاء الاحتلال فرصة للاستيلاء عليها.
ويقول أحد أصحاب الجرافات التي صادرها الاحتلال ببلدات رام الله لـ"صفا"، إن الاحتلال صادر جرافته بحجة العمل في منطقة "ج" وقربها من كسارة تتبع للاحتلال، حيث قام باحتجازها لشهرين، ما اضطره لدفع مبلغ 25 ألف شيقل لاستعادتها.
ويكشف أن الاحتلال يراقب على الدوام عمل المعدات والجرافات من خلال طائرات استطلاع صغيرة، كما أنه يراقب حركة شاحنات ضخ الخرسانة، ليمنع المواطنين من تشييد المنازل.