مليون و94 ألف إصابة بأمراض معدية

في غزة.. واقع صحي وبيئي مأساوي يُهدد حياة أهلها

غزة - خــاص صفا

يعاني أهالي قطاع غزة أوضاعًا صحية وبيئية كارثية تُنذر بتزايد انتشار الأوبئة والأمراض المعدية والخطيرة، بفعل تراكم النفايات وانهيار القطاع الصحي، وتلوث المياه، نتيجة استمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على القطاع للشهر السابع. 

ولم يكتف جيش الاحتلال باستخدام سياسة التدمير الهائل والقتل والإبادة والتجويع بحق الغزيين، بل تعمد منع إدخال الوقود بمختلف أنواعه، والآليات والمعدات اللازمة لنقل النفايات وتشغيل محطات الصرف الصحي وتحلية المياه.
 
وفي ظل انعدام غاز الطهي، لجأ أهالي شمالي القطاع إلى استخدام وسائل بدائية بديلة في إشعال النار من الحطب والفحم من أجل طهي الطعام وتسخين المياه، مما تسبب بإصابة المئات من المواطنين بأمراض الجهاز التنفسي المختلفة.

وأكثر فئات المجتمع تأثرًا بالكارثة الصحية وانتشار الأوبئة في القطاع أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن والحوامل والمواليد الجدد، الذين تتفاقم معاناتهم يوميًا، في ظل نقص الأدوية وتدمير المستشفيات، ولاسيما في محافظتي غزة وشمالها.

وتعمدت قوات الاحتلال وما زالت استهداف المنظومة الصحية بكاملها وإخراجها عن الخدمة، وتمنع وصول الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، ما عرض حياة المرضى والجرحى للخطر وضاعف من معاناتهم، وأدى لاستشهاد العديد منهم. 

وما فاقم من معاناة أهالي غزة تراكم كميات كبيرة من النفايات الصلبة تقدر بنحو 100 ألف طن، وتسرب مياه الصرف الصحي في الشوارع، ما تسبب بتلوث الخزان الجوفي وانتشار البعوض والحشرات الضارة والروائح الكريهة، الأمر الذي ينذر بحدوث مكاره صحية وبيئية خطيرة وغير مسبوقة. 

وضع كارثي

مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة يقول إن جيش الاحتلال استهدف منذ بدء الحرب 15 قطاعًا من القطاعات الحيوية، من بينها الصحة والبنية التحية والبلديات، ودمر أكثر من 400 بئر مياه، وأخرجها عن الخدمة بهدف تعطيش أبناء شعبنا على غرار سياسة التجويع التي مارسها بمدينة غزة شمالي القطاع. 

ويوضح الثوابتة، في حديث لوكالة "صفا"، أن انعدام المياه في القطاع تسبب بحدوث عدة مشاكل، ولاسيما على صعيد النظافة والصحة، ناهيك عن تدمير الاحتلال 600 ألف متر طولي من شبكات المياه، والشوارع ومفترقات الطرق. 

ولم يتوقف الاحتلال عند ذلك، بل عمل على تدمير آلاف الكيلو مترات من شبكات الصرف الصحي، ما تسبب في طفح مياه الصرف الصحي في الشوارع والأحياء، وبالتالي انتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين. 

ويضيف أن جيش الاحتلال تعمد أيضًا، تدمير مقرات البلديات وآلياتها، ما أدى لتراكم النفايات في الشوارع وقرب مراكز الإيواء، الأمر الذي تسبب بإصابة 20 ألف مواطن بمرض الكبد الوبائي.

ووفق الثوابتة، تم رصد مليون و94 ألف حالة مصابة بأمراض معدية بين المواطنين، وخصوصًا النازحين، مثل الأمراض الجلدية والحمى الشوكية، والنزلات المعوية، وأمراض الجهاز التنفسي.

ويعتبر القطاع الصحي-وفقًا للثوابتة- من أولى القطاعات التي استهدفها الاحتلال بشكل كبير منذ بدء الحرب، إذ دمر وأحرق 32 مستشفى من أصل 35، وأخرجها عن الخدمة، وقتل أكثر من 400 طبيب وممرض، واعتقل أكثر من 310 من الأطباء والطواقم الطبية، ما أدى لانهيار المنظومة الصحية بشكل كامل. 

ويشير إلى أن الاحتلال ما زال يمنع إدخال الأدوية للقطاع، وهناك 10 آلاف مريض بالسرطان لا يتلقون الرعاية الطبية اللازمة، بالإضافة إلى 350 ألف مريض يعانون أمراضًا مزمنة وبحاجة للأدوية. 

ويشكل وجود آلاف جثامين الشهداء في المقابر الجماعية المؤقتة وتحت أنقاض المنازل وتحللها مصدرًا آخر لانتشار الأوبئة والأمراض، بما يهدد الصحة العامة والبيئة.

ويصف الثوابتة الوضع الصحي والبيئي في القطاع بالكارثي، مشددًا على أن الاحتلال يتعمد تفاقم الأزمة الإنسانية والصحية، خاصة في مدينة غزة وشمالها.

مخاطر ومناشدات

وهذا الوضع- يحذر الثوابتة- يُنذر بمخاطر كبيرة على المرضى والجرحى، الذين ينتظرون إجراء عمليات جراحية في الخارج، وبحاجة عاجلة للسفر، خاصة أن معبر رفح لا يستقبل يوميًا سوى 40 مريضًا وجريحًا، ما يهدد الأمن الدوائي والعلاجي. 

ويشير إلى أن 5% فقط من المرضى والجرحى تمكنوا من السفر للخارج؛ ما يستوجب من مصر فتح المعبر على مدار الساعة من أجل تسهيل سفرهم وتلقي العلاج حتى لا نفقد المزيد منهم.

وتُصر حكومة الاحتلال -كما يؤكد الثوابتة- على منع إدخال الوقود وغاز الطهي إلى شمالي القطاع، بهدف الضغط على الأهالي ودفعهم للهجرة إلى الجنوب ومن ثم إلى مصر، ضمن خطتها الاستراتيجية التي أعلنت عنها منذ بداية الحرب. 

ويناشد كل دول العالم والمنظمات الأممية والدولية اتخاذ موقف صارم وعاجل من أجل إدخال الأدوية وأكثر من 14 مستشفى ميداني لكل محافظات القطاع، للتعويض عن المستشفيات التي دمرها الاحتلال خلال حربه المتواصلة. 

ويقول: "أطلقنا عديد المناشدات والمطالبات لكل المنظمات الدولية ودول العالم بهذا الشأن، غير أن الاحتلال يمنع إدخال الوقود والدواء لشمالي القطاع، في إطار حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي".
 
ويطالب مدير الإعلام الحكومي في غزة بضرورة وقف الحرب بشكل عاجل، محملا الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة لانخراطها بجريمة الإبادة الجماعية وتقديمها السلاح للاحتلال. 

ويضيف أن المجتمع الدولي يتحمل أيضًا المسؤولية لفشله أكثر من مرة في وقف هذه الحرب، مطالبًا دول العالم الحر والمؤسسات الأممية كافة بالتحرك الجدي والفوري للضغط على "إسرائيل" لوقف شلال الدم المتدفق من شعبنا في قطاع غزة.

أ ج/ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة