حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء، من ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي مذبحة جديدة في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة ومحو آخر ما تبقى منها، وتنفيذ عملية تهجير قسري جديدة عقب إصداره أوامر غير قانونية لمن تبقى فيها من المواطنين، والمقدر عددهم بحوالي 50 ألف، بالإخلاء الفوري، داعيا إلى تحرك فوري من الأمم المتحدة وأطراف المجتمع الدولي لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وقال الأورومتوسطي في بيان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ شن هجمات جوية ومدفعية مكثفة على بلدة بيت لاهيا قبيل نشره أوامر الإخلاء للمواطنين بزعم أنها "منطقة قتال خطيرة"، والتهديد بأنه "سيعمل بقوة شديدة" في البلدة.
وأبرز المرصد أن الملاجئ التي حددها جيش الاحتلال لأهالي بلدة بيت لاهيا من أجل الإخلاء إلى البلوكات رقمي (1770) و(1766) هي مناطق مدمرة في الأصل وغير صالحة لأي من أشكال الحياة فضلا عن أنها تفتقد لإمدادات المياه وتم تدمير الصرف الصحي فيها.
وأشار إلى أن المنقطتين المحددتين للإخلاء مناطق غير آمنة وسبق أن تعرضتا كحال مناطق بلدة بيت لاهيا كافة خاصة، وشمال قطاع غزة عامة، إلى تدمير واسع النطاق بما في ذلك مراكز الإيواء والمرافق العامة، بفعل الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن كل منطقة يعلنها جيش الاحتلال منطقة عمليات عسكرية يتم استكمال تدميرها بشكل كامل، ويفرض عليها حصارا مشددا خانقا، ويرتكب خلالها مجازر مروعة بحق من يتبقى من مواطنين فيها لعدم نزوحهم لافتقادهم لأي ملجأ آمن، وذلك في سياق جريمتي الإبادة الجماعية والتهجير القسري التي تواصل تنفيذهما في قطاع غزة.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من أن العملية العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيت لاهيا ستؤدي إلى مزيد من الجرائم الخطيرة والانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، في ظل غياب آليات دولية فاعلة للمساءلة والمحاسبة، وانعدام أي تدخل دولي حاسم لوقف هذه الجرائم المستمرة منذ ستة أشهر.
ويشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سبق أن نفذ عدة عمليات عسكرية واسعة في بيت لاهيا خلال الأشهر السبعة الماضية من هجومه العسكري على قطاع غزة أبرزها نهاية كانون أول/ديسمبر الماضي وخلف فيها دمارا هائلا في المنازل، والبنى التحتية، والمنشآت المدنية والخدماتية، حيث بلغت نسبة الدمار التي لحقت بمباني البلدة وبنيتها التحتية نحو 90٪.
وتأتي العملية العسكرية لجيش الاحتلال بالتزامن مع مرور 200 يوم على الهجوم العسكري واسع النطاق على غزة، ما خلف عواقب مفزعة من حيث ضخامتها واستهدافها المباشر والمتعمد للمدنيين الفلسطينيين، مع فشل دولي مخجل في إلزام "إسرائيل" بالامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني وأوامر محكمة العدل الدولية لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال 200 يوم من الهجوم 42,510 فلسطينيين، منهم 38,621 مدنيًا، بينهم 15,780 طفلًا، و10,091 امرأة. وما يزال هناك عدة آلاف من الشهداء تحت الأنقاض، فيما بقي آلاف من المفقودين غير معروف مصيرهم.
ووفق هذه المعطيات، فإن معدل القتل اليومي بلغ 212 فلسطينيا، و"إسرائيل" تقتل يوميا 79 طفلا و50 امرأة، وهي أرقام مرعبة وغير مسبوقة في سياق الحروب المعاصرة.
ووثقت طواقم الأورومتوسطي آلاف الجرائم التي استهدف فيها جيش الاحتلال مدنيين فلسطينيين بصفاتهم هذه، دون أن يكونوا مشاركين بالأعمال العسكرية ودون أن يكون هنالك أي ضرورة عسكرية، ودون مراعاة لمبادئ التناسبية والاحتياطات الضرورية، بل كان هؤلاء المدنيين الأهداف المباشرة، بمن في ذلك الذين قتلوا في القصف المنهجي للمنازل ومراكز الإيواء دون سابق إنذار وتدميرها على رؤوسهم، وفي عمليات الاستهداف المباشر لمنتظري المساعدات الإنسانية ومنظميها، وفي جرائم الإعدامات التعسفية والخارجة عن نطاق القانون والقضاء للمدنيين، والقصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة وغير الموجهة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
ويطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بالخروج عن صمته فورا واتخاذ التدابير اللازمة كافة لوقف مجزرة بيت لاهيا، وحماية المدنيين الفلسطينيين هناك من جميع الجرائم التي ينتهجها الاحتلال بارتكابها ضد جميع الفلسطينيين في قطاع غزة، وبخاصة جرائم القتل والإعدام والاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والتهجير القسري.
ويجدد الأورومتوسطي مطالبته للمجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونية الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، وتفعيل أدوات الضغط الحقيقية لإجبار "إسرائيل" على التوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وجرائمها كافة فورا، والضغط عليها للامتثال لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية لحماية المدنيين الفلسطينيين من خطر الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
كما يطالب جميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية ووقف أشكال الدعم السياسي والمالي والعسكري كافة لـ"إسرائيل" في عدوانها على قطاع غزة، وبخاصة التوقف الفوري عن عمليات نقل الأسلحة إلى "إسرائيل"، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وإلا كانت هذه الدول متواطئة وشريكة في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية.