قبل نحو أسبوع، أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الأسير أشرف المحتسب مصاباً بسبع كسور في أنحاء جسده، وفاقداً للسمع في إحدى أذنيه، نتيجة تعرضه للضرب والتعذيب داخل السجن.
"نجوت من موت محقق"، يصف المحتسب لحظة الإفراج عنه، موضحاً أنه منذ لحظة اعتقاله في الثامن من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، تعرض لعدة جولات من الضرب والتعذيب مع أسرى آخرين، ظن حينها أن مصيره الاستشهاد ولا مفر من الموت.
وقال المحتسب، في حديثه لوكالة "صفا"، إن الأشهر الستة التي أمضاها في اعتقاله الأخير في كفة، والـ72 شهراً متفرقة التي قضاها في سجون الاحتلال سابقًا في كفة أخرى، نظراً لظروف الاعتقال وأوضاع السجون في ظل عدوان الاحتلال على قطاع غزة.
وأضاف أن "إدارة السجن تتفرد بالأسرى، وتتعامل معهم بسياسة انتقامية إجرامية، دون مراعاة الحد الأدني لحقوق الإنسان".
وبيّن أن الأسرى معزولون بشكل كامل عن العالم الخارجي، إذ يمنع الاحتلال زيارات الأهالي، ويسمح بزيارة المحامي في حالات قليلة جداً وتحت رقابة شديدة.
وروى المحتسب عن جولات الضرب والتعذيب الممنهجة في سجن النقب، المصحوبة بالشتائم والسب والتهديد بالقتل، لافتاً إلى أن الإجراءات التنكيلية كانت تزداد حدتها بالتوازي مع أحداث المعركة في غزة.
وأشار إلى أن إدارة السجن صادرت الأجهزة الكهربائية والكتب كافة، كما صادرت ملابس الأسرى وأبقت ثلاث قطع فقط لكل أسير، ومنعتهم من حلاقة الرأس والذقن على مدار الأشهر الستة الماضية.
وقال إن الأسرى يتعرضون للتجويع والإهانة ويعانون من ظروف حياتية صعبة جداً، فقد كان طعام الواحد يقدم لــ 11 أسيراً، والغرفة التي تتسع لأربعة أسرى يجتمع فيها 12 أسيراً، وفي أيام البرد الشديد خلعت إدارة السجن النوافذ وسحبت الفرشات والبطانيات، وتركت الأسرى ينامون على أرضية السجن.
وأضاف أن إدارة السجن كانت تبث في كل ليلة أصوات صاخبة مزعجة عبر مكبرات الصوت، للتنكيل بالأسرى وحرمانهم من النوم.
وأفاد المحتسب بأنه كان يسمع أصوات صراخ أسرى من قطاع غزة في الأقسام المجاورة على مدار الساعة، نتيجة التعذيب القاسي، مشيراً إلى أن "ما يتعرض له أسرى القطاع أضعاف ما يواجهه بقية الأسرى من صنوف العذاب والتنكيل".
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 9500 أسير، بينهم نحو 80 امرأة وأكثر من 200 طفل، يتعرضون لانتهاكات جسيمة وجرائم ضد الإنسانية داخل المعتقلات.
وبيّن النادي في تقريره - بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني- الذي يوافق 17 إبريل/ نيسان من كل عام، أن عدد الأسرى المذكور لا يشمل الآلاف من أسرى قطاع غزة، الذين تمارس في حقهم سياسة الإخفاء القسري.
وذكرت شهادات أسرى محررين ممارسات صادمة في حق معتقلي القطاع، من تكبيل وضرب وشتم وتهديد بالقتل، وإجبار بعضهم على النباح وشتم المقاومة.
وارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 252 شهيداً منذ عام 1967، بينهم 16 شهيداً بعد السابع من أكتوبر، وهذا المعطى لا يشمل الشهداء من معتقلي غزة، إذ يواصل الاحتلال رفضه الإفصاح عن أي معلومات واضحة عنهم، عدا كشف تقارير إعلامية تابعة للاحتلال عن استشهاد 27 معتقلاً من غزة داخل المعسكرات التابعة الجيش.
ووفق معطيات التقرير، فقد بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الصحفيين بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول 66 صحفياً، تبقى منهم 45 صحفياً رهن الاعتقال، وجرى تحويل 23 منهم إلى الاعتقال الإداري، فيما بلغت أوامر الاعتقال الإداري أكثر من 5168 أمراً، منها أوامر بحق نساء وأطفال.
وذكر النادي "أن عشرات الشهادات التي تابعتها المؤسسات المختصة لمعتقلين داخل سجون الاحتلال وممن أفرج عنهم، تؤكد على أن ما يواجهه الأسرى هو الأشد والأقسى في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية، من حيث كثافة التعذيب والتنكيل والإجراءات الانتقامية التي فرضت على الأسرى داخل السجون، ومست مصير الآلاف منهم".