web site counter

انتشرت بكثافة في ظل الحرب الإسرائيلية

حملات التبرع لغزة عبر GOFUNDME.. كيف تتم وهل تحقق أهدافها؟

غزة - محمد أبو قمر - صفا

مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نشط الفلسطينيون المقيمون في الخارج، والمتعاطفون مع القابعين تحت نيران الاحتلال بالتبرع لصالح العائلات المتضررة في محاولة منهم لمجابهة حرب الإبادة والتجويع وتوفير بعض ما فقدوه عقب تدمير منازلهم.

وبرزت خلال الحرب جهود ملحوظة لعدد من الصحفيين والناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات عبر موقع GOFUNDME (جو فاند مي) الأكثر شهرة في الجمع المالي في العالم.

وأثارت عملية جمع التبرعات العديد من وجهات النظر ما بين مؤيد ومعارض لجدواها، ومدى استفادة عامة المواطنين منها، والتساؤل حول خضوعها للأنظمة المالية المتعارف عليها من عدمه.

التبرع لغزة

انطلق موقع "جو فاند مي" الذي يعني باللغة العربية (تبرع لي) عام 2010، وبات الأكثر شهرة في جمع التبرعات حول العالم رغم أنه يعمل في مواقع جغرافية محدودة، كما يقول الخبير التقني خالد صافي.

ويضيف صافي، في مقابلة مع وكالة "صفا"، من إسطنبول، أن الموقع لا يسمح لأي شخص بتدشين حملة تبرعات، ويقتصر عمله داخل خمسة عشر دولة فقط منها أمريكا وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، ومن يريد أن ينشئ حملة يجب أن يمتلك حسابا بنكيا في واحدة من الدول المذكورة.

وبحسب البيانات التي ذكرها صافي فإن الموقع تمكن منذ انطلاقه حتى الآن من جمع أكثر من 30 مليار دولار، ووصل لتسجيل عملية تبرع كل ثانية.

ويشير الخبير التقني إلى أن عددا من المقيمين داخل غزة اتجهوا مؤخرا للموقع من أجل جمع التبرعات، مستعينين بأقارب أو أصدقاء لهم يقيمون في الدول التي تسمح لهم بإنشاء حملات تبرع، كي يتم تحويل الأموال لحساباتهم المعتمدة هناك.

ورصد صافي أكثر من 1200 حملة انطلقت من غزة خلال الحرب، تهدف إما لجمع الأموال كي يتمكنوا من مغادرة القطاع بسبب العدوان، أو تقديم مساعدات للمتضررين.

وتكشف البيانات التي عمل الخبير التقني على تحليلها أن طلبات التبرع بلغ متوسطها بين 2٠ ألف دولار و300 ألف دولار، وتمكن عدد من القائمين عليها من إنهاء حملاتهم وحصولهم على المبالغ التي جمعوها، وأخرى ما زالت مستمرة.

وفي إطار البحث عن تفاصيل أكثر لكيفية إطلاق حملات التبرعات، يوضح صافي أن الموقع يسمح في المرحلة الأولى بتدشين الحملة وكتابة بيانات منشئها والهدف التي انطلقت لأجله، والتواصل مع الجمهور لجمع المبلغ الذي يهدف إلى الوصول إليه.

وتبدأ المرحلة الثانية بجمع التبرعات، لكن قبل أن يتم تحصيل المبلغ المالي يجري الموقع فحصا معلوماتيا وأمنيا على منشئ الحملة، وبعد ذلك يقرر إما تحويل الأموال، أو حجبها حال اشتبه في نشاط صاحبها، ويعيدها للمتبرعين.

ويبين صافي أنه خلال متابعته للحملات، لاحظ أن بعض القائمين عليها زادوا الهدف المالي الذي ينوون الوصول إليه، بمعنى أن من كان هدفه الوصول إلى جمع 100 ألف دولار، رفعه بعد ذلك إلى 200 ألف.

ويحقق موقع جمع التبرعات استفادة بطرق مختلفة منها دخول المال في رصيده، وحصوله على عمولته الخاصة، ولديه أيضا هدية بإعادة تبرع صاحب المبلغ للموقع بمبلغ آخر.

مساعدة المحتاجين


الصحفي محمد شاهين من شمالي قطاع غزة، أحد القائمين على حملة تبرعات عبر موقع "جو فاند مي" تمكن من جمع مبلغ تجاوز 200 ألف يورو.

ويقول شاهين، لوكالة "صفا"، إنه خلال عمله الصحفي نشر عددا من المقاطع المصورة لقصص إنسانية عبر حسابه في انستغرام، ولاقت تعاطفا كبيرا من متابعيه، ولاسيما أن ما ينشره يظهر حالة المجاعة التي تعصف بأهالي شمالي غزة.

ويشير إلى أن عددا من متابعيه اقترحوا عليه إنشاء حملة تبرعات عبر الموقع الذي لم يكن له دراية بكيفية عمله، واستجابة لطلباتهم لجأ إليه لجمع مبلغ قليل من التبرعات لمساعدة الجوعى.

تفاجأ شاهين من حجم الإقبال المتزايد من المتبرعين، الذين أوصلوا حملته إلى مبالغ لم يكن يتوقعها، ومع ذلك ما زال يبحث عن طريقة لإيصال الأموال إلى غزة لتوزيعها على الحالات الإنسانية التي ينشر قصصها عبر حسابه على انستغرام.

وحصلت وكالة "صفا" على ملف خصّها به الخبير التقني خالد صافي يشمل تفاصيل الحملات التي انطلقت من غزة الخاصة بالعلاج أو مساعدة أهلها، أو حملات إعادة بناء منازل بعض الناشطين التي دمرها الاحتلال، أو تلك التي هدف أصحابها لمغادرة القطاع.

نؤيد ولكن..

وبينما لاقت حملات جمع التبرعات رواجا واستجابة من المتعاطفين مع غزة، إلا أن البعض طالب بأن تخضع للمتابعة من الجهات المختصة، لضمان وصولها لأصحابها.

الصحفية أسماء الغول التي أرفقت في منشور لها عبر فيسبوك في الثامن عشر من فبراير/ شباط الماضي، صورا للحملات الأعلى جمعا للأموال خلال الحرب على غزة، تعتقد أنه من الخطأ استخدام مبدأ "الخلاص الفردي"، وانتهاك خصوصية الشهداء والجرحى ومعايير النشر الصحفي والحقوق، في المنشورات التي يستخدمها ناشطو التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات عبر موقع "جو فاند مي".

وتقول الغول إن: "الكثير من الحملات جمعت الملايين بأسماء عرب وأجانب غير معروفين، ولا يمكن التأكد مما فعلوه بها، وهل ذهبت لغزة فعلا أم لا.

وبحسب الغول؛ فإن الكثير من العائلات التي تعد غنية جمعت مبالغ كبيرة ولا يمكن معرفة السبب فيما وصفته بالجشع، كما أن عددا من الحملات استخدمت الإعلانات للترويج للتبرع لها عبر منصات فيسبوك وانستغرام، ويتكرر ذلك بشكل لافت في دول أوروبا والخليج.

وتفسّر الصحفية رفضها هذه الحملات "لأن هدفها ليس تعويضا عاما لأهل غزة بل إن أصحابها يحصلون من أموال العالم التي ستكون مقدرة يوما ما لبناء غزة من جديد، وليس لصالح شخصي فقط، كما أن هذه الحملات تترك انطباعا بأن الشعب الفلسطيني متسول وتجعل مفاهيم التبرعات والكوبونات مرتبطة باسم فلسطين".

وترفض الغول أن "تتحول قضية الحرب إلى قضية مال وفقد مقدرات مالية وملكيات شخصية فقط، ونسيان العدالة وحقوق الإنسان، كما أنه لا يتم توزيع الأموال بالتساوي على المتضررين بل إنها على العكس تأخذ هذه الأموال من حقوقهم وبالنيابة عنهم دون الرجوع لهم".

وتشير إلى أن "جزءًا كبيرًا من الأموال التي يتم جمعها عبر الموقع تستخدم لدفع رشاوى غير قانونية على معبر رفح للخروج من غزة، كما أن بعض الحملات تهدف لبناء المنازل وهو غير متاح حاليا وربما لفترة طويلة من الزمن".

توحيد الجهود

وفي إطار التواصل مع الجهات الرسمية للوقوف على مدى متابعتها لحملات التبرعات المخصصة لغزة عبر موقع "جو فاند مي"، لم تنجح محاولات وكالة "صفا" في الاتصال بوكيل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في رام الله، باعتبارها الجهة التي يقع على عاتقها متابعة المواقع الإلكترونية، لكنها بعد التواصل مع أكثر من شخص ممن دشنوا حملات تبرعات عبر الموقع، أكدوا أنه لم يتواصل معهم أحد، ولم يتلقوا أي ملاحظة من الجهات الرسمية بخصوص حملاتهم.

ويوصي الخبير صافي بضرورة إخضاع عملية جمع التبرعات عبر موقع "جو فاند مي" لعملية تنظيم وإشراف ومتابعة من الجهات المختصة، لأن المبالغ التي تم جمعها باسم غزة عبر الموقع "تكفي لإعادة إعمار القطاع".

وأكد أنه "لو تم توجيه هذه المبالغ لإعادة الإعمار لما تبقى احتياج في غزة"، واستشهد في حديثه على ما جرى في تركيا في مارس 2023 عندما ضربها زلزال مدمر، وحينها طلب الرئيس رجب طيب أردوغان من المشاهير والممثلين والمؤثرين في بلاده المشاركة بحملة جمع تبرعات واحدة لمساعدة المنكوبين.

وخلال ساعات محدودة تمكنوا من جمع 6 مليار دولار، كانت كافية لإعمار كل ما سببه الزلزال في تركيا.

أ ج/د ق

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام