لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة بقتل الأطفال والنساء بالقذائف والصواريخ المحرمة دوليا، فاستخدم التجويع ومنع الغذاء والدواء والماء سلاحًا، ما أفقد معظم الغزيين من أوزانهم، وأدى لإصابة الأطفال بأمراض وسوء تغذية حتى أصبحت أجساد بعضهم هياكل عظمية كالطفلة جنى عياد.

مضاعفات صحية

تقول أم جنى، في حديث خاص لوكالة "صفا"، وهي ترينا مقطع فيديو لطفلتها، التي تبلغ ستة أعوام، تقرأ فيه الأحرف العربية بصوت عالٍ: "كانت طفلتي الجميلة بصحة جيدة تلعب وتجري وتتكلم، وفي نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي أصيبت بالجفاف نظرا لعدم توفر الغذاء المناسب، وشيئا فشيئا زادت حالتها سوءاً ولم تعد تقوى على المشي أو الوقوف ولا حتى النطق بأي كلمة".

وتصف أم جنى وعيناها تذرفان الدموع على ما وصلت إليه حالة ابنتها الصحية "أصبحت تعاني من مشاكل في العظام ونقص الدم، وصل دمها إلى 5 وبعد إعطائها وحدات دم أصبح 7 لكنه سرعان ما يعاود النزول".

"شكلها يتحدث عن حالها" تنوح الأم المكلومة وهي تشير إلى طفلتها التي تحولت إلى هيكل عظمي.

وتؤكد الأم أن ما أصاب طفلتها "نتيجة الوضع الذي نعيشه من حصار ومجاعة وعدم توفر أي من الأطعمة الغذائية المناسبة، وإذا توفرت فبصعوبة".

 

مناشدة عاجلة

تحاول أم جنى تجفيف دموعها وشرح محاولات علاج جنى، التي لم تنجح، تقول: "حضرت إلى مشفى كمال عدوان للعلاج وحصلت طفلتي على بعض الفيتامينات التي بالكاد يمكن إيجادها".

"لكن جسدها لا يستجيب، ولا يستطيع المشفى الذي يعاني من ضعف الإمكانيات ونقص الأدوية من تحديد السبب في ذلك"، تتابع أم جنى لـ"صفا" وهي تعتصر ألما.

وأملا بإنقاذها، تطلق أم الطفلة جنى عياد مناشدتها للجهات المعنية "للعمل على مساعدتها لتحويلها للعلاج بالخارج"، معربة عن قلقها من فقدان طفلتها كمن سبقها من الأطفال.

 

ضعف الإمكانيات

بدوره، يؤكد مدير العلاقات العامة والإعلام في مستشفى كمال عدوان الحكيم وسام السكني أن عشرات حالات سوء التغذية تصل إلى المشفى كل يوم.

ويتابع، لوكالة "صفا": "نحن بدورنا نعمل ما بوسعنا لإنقاذ هذه الحالات من الموت".

ويستدرك الحكيم السكني أن "ضعف الإمكانيات وعدم توفر الأدوية والمحاليل اللازمة يؤثر بشكل كبير على صحة المصاب بسوء التغذية وتأخره في التعافي منه".

الإبادة بالتجويع

ومنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، فإنه يتعمد استخدام التجويع أسلوبا للحرب إلى جانب حربه العسكرية في القطاع، خاصة في محافظتي غزة والشمال.

ويكرس الاحتلال سياسة التجويع الممنهجة بمنعه وصول المساعدات الإنسانية والغذاء والدواء، واستهداف المواطنين الذين ينتظرون شاحنات المساعدات وقتلهم.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة شدد على أن المساعدات التي تدخل القطاع لا تمثل نقطة في بحر احتياج المواطنين لكل مستلزمات المعيشة.

من جانبه، قال المرصد الأورومتوسطي إن فرض الاحتلال حرمان المدنيين الشديد والمتواصل من احتياجات الغذاء والمياه الصالحة للشرب بالكميات الكافية يعتبر شكلًا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية، مؤكدا أنّ القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع والتعطيش كوسيلة من وسائل الحرب.