"أمام تدهور الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها الأهل في قطاع غزة، لا نستطيع أن نغمض أعيننا عما يجري هناك خاصة ونحن نعيش في شهر رمضان الفضيل"، هكذا تضامنت الحاجة الأردنية فاطمة طرخان مع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي عليها.
وأعربت طرخان (62 عاما) في حديثها للجزيرة نت عن رفضها المشاركة في أي دعوة عائلية للإفطار في رمضان، وحثت الناس على التبرع بالأموال المخصصة للولائم لجمع التبرعات لأهل غزة على شكل طرود غذائية، أو مساعدات نقدية.
إحباط وقلق
وشهدت المطاعم والمقاهي ومحلات بيع الحلويات تراجعا ملحوظا في الطلب مقارنة بالسنوات السابقة، وذلك بسبب حالة الإحباط والقلق التي انتابت الأردنيين نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والإنسانية لسكان قطاع غزة. كما أُلغيت كافة مظاهر الاحتفال، والزينة، والترحيب بشهر رمضان المبارك التي اعتاد عليها الأردنيون في الأعوام الماضية.
وعلى وقع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يعيشه سكان شمال القطاع من حصار وتجويع، أطلقت غرفة تجارة الأردن بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية، وغرفة تجارة عمان، حملة "تقاسم وجبة إفطار رمضان" مع أهالي غزة.
وقال رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق إن الحرب على غزة تسببت في تغيير الأولويات والتفكير لدى المواطن الأردني من خلال امتناع المؤسسات والشركات والبنوك عن الدعوة إلى الإفطارات الرمضانية الجماعية السنوية تضامنا مع أهل غزة، وتخصيص ريعها لأهاليها.
وأضاف توفيق للجزيرة نت أن الغرفة استطاعت إيصال 80 ألف طرد غذائي، ووجبات طعام عالية الجودة والقيمة الغذائية لسكان شمال القطاع بصورة يومية منذ بداية شهر رمضان، تخفيفا عن الأهالي لما يتعرضون له من أوضاع صعبة ومعاناة جراء العدوان الإسرائيلي.
تراجع الحركة الشرائية
ولفت رئيس غرفة تجارة الأردن إلى أن المواطن الأردني -اليوم- يسعى لمشاركة مائدة إفطاره خلال رمضان عن طيب نفس وإيثار مع سكان قطاع غزة.
وتابع "نحن سعداء لأننا نتقاسم لقمة الطعام مع أهلنا في غزة، وهذا يأتي تجسيدا لمواقف الأردن الإنسانية، ونحن مستمرون على ذلك حتى نهاية شهر رمضان".
وتراجعت الحركة الشرائية في الأردن مع بداية دخول شهر رمضان، بحسب مراقبين اقتصاديين، بنسبة 40% عن المعدل الاعتيادي، لتلقي الحرب على غزة بظلالها على أولويات الأردنيين الذين يشعرون بالعجز إزاء ما يجري من مجازر بصورة يومية فيها.
وتؤكد ذلك شهادة المواطن أيمن قدورة (43 عاما)، الذي قال في حديثه للجزيرة نت إن التفكير في زينة رمضان لم يعد واردا بالنسبة للأردنيين.
وأوضح المتحدث ذاته "تعليق فوانيس رمضان يعطي شعورا بالراحة والسعادة، وهذه المفردات لم تعد موجودة بيننا في ظل الحرب على قطاع غزة واستمرار سياسة التجويع والقتل والدمار التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا وإخواننا في غزة".
إفطارات تقشفية
ويركز كثير من الأردنيين مؤخرا على تقديم الدعم والمساندة والتبرعات لأهل غزة، لتكون بديلا عن الاحتفالات والموائد الرمضانية، والسهرات الليلية المعتادة، التي توقفت جميعها في ظل العدوان على غزة.
في المقابل، بدأت عدد من المؤسسات والنقابات المهنية إقامة إفطارات جماعية تقشفية يُخصص ريعها لصالح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت شعار "إفطارنا في عمّان وطعامنا في غزة".
وتم خلال هذه الإفطارات تخصيص عشرات الآلاف من وجبات الإفطار اليومية تم توزيعها على سكان غزة عن طريق الإنزالات الجوية عبر سلاح الجو الأردني.
يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه عدد من المؤسسات والشركات الكبرى بتجهيز حملة المؤاخاة بعنوان "عيديتكم لأهلنا في غزة"، والتي تهدف إلى إيصال مساعدات مالية مباشرة لآلاف العائلات في غزة لشراء احتياجاتهم الأساسية.
المصدر : الجزيرة