استقبلت الأمهات الفلسطينيات عيد الأم لهذا العام وسط حسرة الفقدان وحالة من الحرب والنزوح داخل خيم بدائية في غزة، لا تقيهم برد الشتاء وبطون جائعة غيبت مشاهد الاحتفال المعتادة بهذه المناسبة حيث تتلقى الأمهات الهدايا والورود كما جرت العادة من أبنائهن.
وقد نزحت سيدات برفقة أسرهن، واستقر بهن المقام داخل خيمة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث يجلسن هناك مع بعضهن دون اكتراث ليوم الأم الذي يصادف في 21 مارس/ آذار من كل عام.
إذ انشغلت الأمهات الناجيات من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، بمحاولة تحضير ما تيسّر من الطعام لأطفالهن في شهر رمضان في ظل أوضاع إنسانية صعبة يعيشها سكان القطاع؛ جراء منع إسرائيل دخول المساعدات للقطاع المحاصر.
إذ تقضي كثير من النساء وهن يذقن لوعة فراق أبنائهن جراء القصف الإسرائيلي، ما يجعل هموم الحرب يشغلهن عن عيد الأم الفلسطينية.
وأثناء إعداد الأم الفلسطينية، أم عادل الزهار (77 عامًا)، طعام الإفطار في خيمة بدائية نزحت فيها، تقول: "كل عام، كان أبنائي يهدونني فستانًا وورودًا بمناسبة عيد الأم، وكنت سعيدة، ولكن اليوم لا يوجد عيد أم، بل نحن بحاجة إلى رحمة الله وإنهاء الحرب".
وتضيف أم عادل لوكالة "الأناضول": "اليوم نريد العودة لمنازلنا نريد الجلوس فوق ركامها ورملها وتنتهي الحرب".
تقول أم عادل: "هذا المكان ليس مكاني الحقيقي، بل أنا أحلم بالعودة إلى أراضينا في قرية حمام (إحدى قرى فلسطين التي تتبع قضاء مدينة عسقلان عام 1948)".
واسترسلت: "هُجِّرنا مرتين، الأولى كانت عام 1948، واليوم نجد أنفسنا نكرر نفس السيناريو حيث هجّرنا من منازلنا في خانيونس ولجأنا لخيام بدائية في رفح".
الفلسطينية أم عادل تجهل مصيرها، فتتساءل أين ستضع رحالها في ظل الحرب وعمليات النزوح المتكررة؟!
وتعيش السيدة الفلسطينية التي سلبت منها الحرب العديد من أبناء عائلتها ظروفًا إنسانية صعبة، حيث تعاني من العديد من الأمراض بما في ذلك السرطان، والطعام الذي تتناوله في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد لا يناسب حالتها الصحية التي تتطلب غذاء يقوّي مناعتها.
الحرب أنست الفلسطينيات عيد الأم
من جانبها، تقول أم محمد صبيح (55 عامًا): "أنا أم فلسطينية حزينة على الوضع الصعب الذي نعيشه بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع".
وتضيف: "أتذكر عيد الأم عندما كان يأتي، كانت أيامًا جميلة حيث كنا نحتفل، وتترك ذكرياتها بصور جميلة في بيتنا".
ولفتت أم محمد إلى أن أبناءها كانوا يحضرون لها الهدايا في هذه المناسبة، لكن "العيد اليوم هو يوم حزين".
وتتمنى الفلسطينية أن تعود الذكريات الجميلة وترجع إلى بيتها الذي نزحت منه في مدينة خانيونس جنوب القطاع بسبب الحرب الإسرائيلية.
وعلى مقربة منها، تنشغل الفلسطينية أنعام أبو وادي (61 عامًا) بغسل الملابس، وقد أنستها أهوال الحرب والنزوح أن اليوم هو يوم الأم الفلسطينية.
وتقول أنعام: "اليوم يختلف عن كل عام نستقبل فيه يوم الأم، كان أولادنا يأتون ويحضرون الهدايا، لكن اليوم نقضيه وسط الخيام، لا أحد يتذكر أن هناك عيد الأم، لأن الجميع منشغل بالخوف والحرب والحياة في الخيام".
وراحت تقول: "الأم الفلسطينية تستحق كل شيء جميل، فهي تختلف عن كل نساء العالم، هي أم صابرة تحملنا وتصبر معنا وتحتمل معاناتنا، وما زلنا نعيش بين الخيام بصبر واحتساب".
فيما تقول غادة الكرد (36 عامًا) لوكالة "الأناضول": "لدي ابنتان بعيدًا عني، هن في شمال القطاع وأنا في الجنوب، التواصل معهما صعب جراء سوء الاتصالات في القطاع بسبب الحرب".
وتضيف: "في شهر مارس يأتي عيد الأم الفلسطينية، ولكن للأسف ابنتاي ليستا بجواري، كنت أتمنى لو كنت معهما اليوم، نقضي يومًا جميلًا معًا ونتبادل الهدايا".
28 أمًّا أسيرة
والخميس، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (رسمية) ونادي الأسير الفلسطينيّ (أهلي)، في بيان مشترك، إن 28 أمًّا من بين 67 أسيرة (9100 إجمالي الأسرى والأسيرات) يقبعن في السجون الإسرائيلية، و "يحرمهنّ الاحتلال من عائلاتهنّ وأبنائهن".
وأضافا في بيان مشترك صادر عنهما، لمناسبة عيد الأم، أن من بين المعتقلات أمهات أسرى، وزوجات أسرى، وشقيقات أسرى، وشقيقات شهداء، وأسيرات سابقات أمضين سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى أم لشهيد، وهي الأسيرة الأم فاطمة الشمالي، وجريحة وهي الأسيرة الأم رنا عيد.
استشهاد 37 أمًّا في غزة يوميًا
وفي وقت سابق الخميس، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تقتل 37 أمَّا يوميًا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبمناسبة يوم الأم، قالت الجمعية عبر منصة "إكس": "37 أم تُستشهد كل يوم في قطاع غزة".
ووفق أحدث إحصاء أصدره المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قتل الجيش الإسرائيلي 9 آلاف و220 امرأة فلسطينية في القطاع الذي المحاصر منذ 17 عامًا، ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون أوضاعا كارثية.
المصدر: التلفزيون العربي