على وقع الحرب الإسرائيلية التي دخلت شهرها السادس على قطاع غزة، خلت مدن وبلدات الضفة الغربية هذا العام من غالبية مظاهر شهر رمضان المعتادة سنويا، لا سيما زينته وروح الفرح التي ترافقها بقدوم الشهر المبارك.
ويقول فلسطينيون إن رمضان هذا العام حزين، قتلت بهجته بفعل القتل والتدمير الإسرائيلي في قطاع غزة وفي الضفة على حد سواء.
بلديات رئيسية بالضفة الغربية، كانت أعلنت في وقت سابق، قرارها عدم تزيين الميادين الرئيسية والشوارع ومداخلها بزينة رمضان أو بإنارة الفانوس.
بدورها، دعت بلدية رام الله المواطنين إلى إلغاء كافة مظاهر الاحتفال بشهر رمضان، وعدم تعليق أي زينة في الشوارع العامة أو أمام المحال التجارية أو المنازل أو دور العبادة، بسبب الحرب المتواصلة في قطاع غزة.
وأهابت البلدية في بيان صحفي وصل الأناضول نسخة عنه، إلى استقبال شهر رمضان بالتلاحم الاجتماعي والتعاون بين أبناء الشعب الفلسطيني وتوجيه الدعوات للأهل في قطاع غزة.
وجاء في بيان بلدية رام الله: "فليصمت ضجيج الاحتفال فلا شيء أقدس من صرخة طفل ينادي أمه الشهيدة، أو أم استشهد كافة أبنائها".
وبدت شوارع رام الله، مركز الحياة الاقتصادية في الضفة الغربية ومركزها السياسي، دون زينة، وشبه فارغة من المارّة.
الحرب قتلت روح الفرح
أمام محل لبيع زينة رمضان وسط رام الله، يجلس الفلسطيني سامح جهاد، فيما يغيب الزبائن المعتادون عن المكان، يقول للأناضول: "لا أحد يأتي لشراء زينة رمضان، لا بهجة ولا فرحة".
وتابع: "هذا رمضان الأول الذي يأتي على شعبنا بهذا الشكل منذ سنوات طويلة".
يقول سامح إن محله كان يبيع سنويا كميات كبيرة من زينة رمضان، لكن اليوم لا شيء سوى بعض العائلات التي تشتري بعض القطع الخفيفة لأطفالها".
أما الفلسطيني جمال أبو خالد (68 عاما)، من بلدة مخماس إلى الشرق من رام الله، فيقول للأناضول: "لا أحد فرح، لكن الحياة ستستمر، مظاهر التسوق منخفضة للغاية، والبهجة منقوصة".
وأضاف أثناء تسوّقه في سوق رام الله: "ما يجري في غزة قتل فينا روح الفرح، ونعيش هنا في الضفة أيضا معاناة وقتل يومي".
ولفت أبو خالد إلى أن بلدته تبعد عن رام الله مسافة 5 دقائق في السيارة، لكنها وبفعل الحواجز العسكرية الإسرائيلية، تستغرق 3 ساعات في بعض الأحيان".
وذكر أنه لم يقم هذا العام بتزيين منزله بزينة رمضان.
أجواء رمضان في العبادة فقط
بدوره، يقول الفلسطيني نمر أبو طيور (70 عاما)، إن "الأوضاع صعبة للغاية، الحرب دمّرت كل شيء في غزة وهنا في الضفة".
وأضاف "أجواء رمضان فقط نراها في العبادة، والحالة الاقتصادية صعبة للغاية هنا أيضا، ولكن الإنسان يدبر أمر بيته".
وقال "هناك غصة في القلوب مشاهد القتل والمجازر تصيب النفس بالمرض".
بدوره يقول عبد المطلب مسحل (40 عاما)، "لا يوجد أجواء لرمضان هذا العام، ولا حتى على مستوى البيوت، حتى الأطفال لا يريدون زينة، يقولون إن غزة تُقتل وتجوع، لا مكان للفرح".
ولفت مسحل إلى أن "الضفة الغربية هي الأخرى تقتل بشكل يومي، وإسرائيل تنفذ مخططاتها بصمت دون قصف مدفعي".
وأوضح أن الحالة في الأسواق كأنها أيام عادية، بينما في السنوات السابقة كانت الأسواق تزدحم في رمضان".
من جهته، بائع التحف وزينة رمضان حسين شوامرة (69 عاما)، يتساءل: "لمن الزينة؟ للجوعى ومن تحت القصف؟ هل نعيش أياما جميلة!".
وأضاف للأناضول: "لا توجد بهجة لرمضان، رمضان في قلوبنا فقط، الناس عزفا عن شراء زينة رمضان، علينا أن نساعد أهلنا في غزة قدر الإمكان".
ويحل رمضان هذا العام، بينما تشن "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية ومجاعة بعدد من المناطق، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
وكذلك صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات اقتحام واعتقال في الضفة الغربية، خلال الفترة ذاتها، تسببت في مواجهات مع فلسطينيين، أسفرت عن مقتل 425 فلسطينيا وإصابة نحو 4 آلاف و700، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.