دعت دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل، يوم الجمعة، إلى شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، مشدّدة على أنه حقّ خالص للمسلمين، ليس لغيرهم فيه ذرة تراب.
وحثّت دار الافتاء، في بيان وصل وكالة "صفا"، على الصلاة في المسجد الأقصى وخاصة مع قدوم شهر رمضان المبارك، مؤكدة أن الأجر والثواب يُضاعَف في تلك الأيام.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية رسمية ذكرت أن حكومة الاحتلال تنوي فرض قيود على دخول المصلين من الضفة الغربية، والأراضي المحتلة عام 1948، إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بعد موافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على توصية من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بهذا الشأن.
وفيما يلي نص بيان دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل:
بسم الله الرحمن الرحيم
دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الداخل الفلسطيني48
البيان الشرعي رقم (58): شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك استجابة لرسول الله ﷺ
- المسجد الأقصى المبارك جزء من العقيدة والشريعة الإسلامية.
- الأقصى المبارك ذُكِر بالنّص الصريح في القرآن الكريم في بداية سورة الإسراء.
- الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين بناءً في الأرض بعد المسجد الحرام.
- الأقصى المبارك منتهى الإسراء، ومبدأ المعراج إلى السماء.
- - - - - - - - -
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على سيدنا المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتّبع هداه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أوّلًا: المسجد الأقصى المبارك جزء من العقيدة والشريعة الإسلامية، لأنه تعلّق برحلة الإسراء والمعراج، وهي رحلة من مقاصدها اختبار العقيدة الإسلامية عند المسلمين، والكشف عن بعض الأحكام المتعلقة بالغيبيات مثل الجنة والنار، والحصول على أعظم تشريع في الإسلام ألا وهي الصلاة.
ثانيًا: المسجد الأقصى المبارك ذُكر في نص صريحٍ في مطلع سورة الإسراء في القرآن الكريم: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير﴾ (الإسراء: 1).
ثالثًا: المسجد الأقصى المبارك منتهى الإسراء، ومبدأ المعراج، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ-وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ- قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ- قَالَ- فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِى يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ- قَال- ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ ﷺ اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ".
رابعًا: الأقصى المبارك أولى القبلتين، فقد جاء في صحيح مسلم عن البراء بن عازب: "صَلَّيْنَا مع رَسولِ اللهِ ﷺ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الكَعْبَةِ".
خامسًا: الأقصى المبارك هو ثاني مسجد وُضع على الأرض، ففي صحيح مسلم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله: أيُّ مسجد وُضِع في الأرض أوّلًا؟ قال: "المسجد الحرام"، قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصلّ، فهو مسجد".
سادسًا: الملائكة عليها السلام خطّت حدود المسجد الأقصى المبارك، وآدم عليه السلام رفع قواعده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام في مكة المكرمة بأمرٍ من الله تعالى، فقد جاء على لسان ابن هشام في كتاب (التيجان في ملوك حِميَر، جـ:1/ 22، ط1،) بعد أن بنى آدم عليه السلام الكعبة: "ثم أمر الله تعالى آدم بالسير إلى البلد المقدّس، فأراه جبريل كيف يبني بيت المقدس، فبنى بيت المقدس ونسَك فيه".
سابعًا: حثّ رسول الله ﷺ المسلمين إلى شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، مع حثّه إلى شدّ الرحال إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، حين قال في رواية مسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِي ﷺ قَالَ: "لاَ تُشَد الرحَالُ إِلا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى".
ثامنًا: الصلاة في المسجد الأقصى المبارك بخمسمائة صلاة، فقد روى البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء مرفوعًا: "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة بيت المقدس بخمسمائة صلاة".
وبهذا، فإن دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الداخل الفلسطيني48 تدعو إلى شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، الذي هو حقّ خالص للمسلمين، ليس لغير المسلمين فيه ذرة تراب، وتدعو إلى الصلاة فيه وخاصة مع قدوم شهر رمضان المبارك حيث يُضاعَف الأجر والثواب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا.