تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي استغلال الأوضاع الراهنة على الساحة الفلسطينية، ولاسيما حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لفرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى المبارك، وتقييد الوصول إليه خلال شهر رمضان المقبل.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية رسمية أن حكومة الاحتلال تنوي فرض قيود على دخول المصلين من الضفة الغربية، والأراضي المحتلة عام 1948، إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بعد موافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على توصية من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بهذا الشأن.
وكان التغول الإسرائيلي على المسجد الأقصى، ومحاولات السيطرة عليه وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا أهم الأسباب التي أدت لتنفيذ كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي.
وفي ظل هذا التوجه الإسرائيلي، واستمرار العدوان على غزة، وتصاعد جرائم الاحتلال في الضفة والقدس، إلى جانب ضغوط الاحتلال اليومية على فلسطيني الداخل، يتوقع مختصون أن تتأجج الأوضاع الميدانية مع دخول شهر رمضان في 11 مارس/ آذار المقبل.
ويتفق مختصان أن التوجهات الإسرائيلية بفرض قيود جديدة على دخول المسجد الأقصى في رمضان، والتي وافق عليها رأس الهرم في كيان الاحتلال، قد تتسبب بتفجر الأوضاع في المنطقة، في ظل الهجمة غير المسبوقة على قطاع غزة.
ويقول الباحث في شؤون القدس عبد السلام عواد إن التوجه الإسرائيلي بمنع مصلين من فلسطينيي الداخل والضفة الغربية من دخول الأقصى، يمكن أن يكون "أخطر قرار يمر على المسجد الأقصى في تاريخ الاحتلال".
ويؤكد عواد، في حديث لوكالة "صفا"، أن "الاحتلال لم يكن ليتجرأ على هذا القرار، إلا بسبب الحرب العدوانية المتصاعدة على قطاع غزة".
ويرى عواد أن الصمت العربي والإسلامي عن نصرة أهالي غزة، مع ارتكاب المجازر المروعة بحقهم، منح الاحتلال فرصة للبطش بالأقصى.
ويشير إلى أن اقتحامات المستوطنين المستمرة للأقصى وتأديتهم الصلوات التلمودية داخله و"الانبطاح المقدس"، وكل أشكال تدنيس المسجد، لم تحرك الكيانات العربية والإسلامية في تقديم النصرة للأقصى، وهذا ما منح الاحتلال رخصة إضافية لفرض قيود جديدة.
ويشير عواد إلى أن "الإجراءات الجديدة التي اقترحها بن غفير وأقرها نتنياهو، ستتسبب بتأجيج الصراع، وستكون بمثابة شعلة للمنطقة بأسرها، على شكل ثورة عارمة تشتعل في الضفة والقدس ومناطق 48، وربما أبعد من ذلك".
حرب عقائدية
من جهته، يقول المختص في تاريخ القدس مروان الأقرع إن ما يجري في المسجد الأقصى من تدنيس واقتحامات وغيرها، كان سببا رئيسيًا في معركة "طوفان الأقصى".
ويلفت الأقرع، في حديث لوكالة "صفا"، إلى أن الاحتلال استغل الحرب القائمة، وفرض إجراءات أكثر تشددا في الأقصى وشوارع وأزقة البلدة القديمة في القدس، ومنع المصلين من التواجد داخل المسجد، ومحاولات تقليل تواجد المواطنين من أجل تهويده.
ويشير الأقرع إلى أن صمت العالمين العربي والإسلامي والتسليم بما يجري من حرب إبادة جماعية في قطاع غزة، إلى جانب صمت مواطني الضفة والقدس وفلسطينيي 48؛ شجع الاحتلال على القيام بخطوات تهويدية داخل الأقصى.
ويلفت المختص إلى أن الاحتلال يدرك أن ممارساته ومحاولاته هدم الأقصى والسيطرة عليه، كانت أحد أهم أسباب معركة "طوفان الأقصى"، مشيرًا إلى أن سعي التيار اليميني المتطرف إلى إقامة الهيكل المزعوم، قد يشعل المنطقة بأسرها، بحرب وجودية عقائدية من أجل الأقصى.
ويؤكد الأقرع أنه لا يمكن للفلسطيني التخلي عن الأقصى أو أن القبول بتهويده، "فالارتباط بالأقصى وجودي وعقائدي".
ويضيف أن "إجراءات الاحتلال بحق المسجد الأقصى ستفضي إلى انتفاضة تفوق الانتقاضات الماضية".