يقف بائع الفواكه المصري، ربيع أبو حسن، على ناصية إحدى طرق محافظة الجيزة غربي العاصمة القاهرة، منتظرا "قوت يومه"، لكنه ربح أضعاف ذلك المال المنتظر مع مشهد هرولته لتقديم حبات من فاكهة البرتقال مجانا لسائقي شاحنات مساعدات غزة مرت من أمامه.
المشهد الذي تم تداوله في منصات التواصل عربيا بصورة كبيرة، جعل "عم ربيع" الذي يعود أصله للصعيد جنوب مصر، "بطلا"، خسر بالمعيار التجاري حبات من البرتقال، لكنه ربح دعوات وإشادات الملايين بموقفه الداعم لغزة التي تواجه حربا إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
كما ربح بائع البرتقال المصري، وفق إعلام محلي، تبرعات من معجبين بموقفه شملت رحلتي حج وعمرة ومحل لبيع الفواكه بدلا من البيع في الشارع، فضلا على أنه نحت اسمه عبر هاشتاغات (وسوم) أشهرها #بائع_البرتقال #الصعيدي_الجدع.
البرتقال الذهبي
"عم ربيع" كم اشتهر بمنصات التواصل، بعبارات تحمل شجنا، تحدث لوسائل إعلام عربية ومصرية، عن قلبه الذي طار من الفرحة عندما رأى شاحنات مساعدات غزة تمر من أمام عينه، يبدو أنه لم يصدق، إذ كله ليلة يتابع الأخبار وينام حزينا على ما يحدث في فلسطين، كما يقول.
مشهد بحث أطفال في غزة عن طعام، كان يوجعه عندما يراه على الشاشات، ويبقي كما يقول، وكان ظهور تلك الشاحنات، طاقة أمل أن يصل إليهم غذاء قريبا، كما يتوقع، يضيف "عم ربيع".
و"لو كان عندي حاجة أغلي كنت عملت"، يستطرد، عم ربيع في حديث آخر عبر الهاتف مع الإعلامي عمرو أديب مساء الجمعة، عبر قناة "إم بي سي مصر" الخاصة، مضيفا أنه استشعر تلك الشاحنات تحمل أثرا من أهل غزة.
وأبلغ عم ربيع السائقين أنه يأكلوا من البرتقال الذي ألقاه لهم ويتركوا ثمار البرتقال الأخرى التي ألقاها فوق الشاحنات التي يستقلونها من أجل أن تصل إلى غزة.
وفي مفاجأة غير متوقعة، أبلغه أديب، خلال المحادثة الهاتفية، بتكفل رجل أعمال بشراء محل لبائع البرتقال، وتكفل آخر بمصاريف حج له، وختم حديثه بالقول: "يا عم ربيع البرتقال بتاعك (الذي تملكه) ذهب".
إشادات لا تتوقف
الداعية الفلسطيني جهاد حلس، عبر حسابه بمنصة "إكس"، علق قائلا: "يعلم الله يا عم ربيع أن أثر هذه الحبات من البرتقال لامست شغاف قلوبنا، وإنا لنجد طعمها في فمنا أشد حلاوة من العسل"، ويغرد بالعبارة ذاتها، حساب محمود أبو صالح الذي يضع علم فلسطين جوار اسمه.
"عبد الله غباين"، من غزة كما يعرف نفسه، غرد أيضا عن هذا الموقف الإنساني، قائلا: "المواطن المصري الأصيل العم ربيع بائع الفواكه؛ مرّت من أمام بسطته شاحنة مُساعدات فقام على الفور بإلقاء حبّات البرتقال فوقها لتصل إلى أهلنا في القطاع الحبيب. يقول العم ربيع: "لو كنت أقدر أعمل أكتر من كده كنت عملت"، مضيفا: "ما أعظم صنيعك".
وغرد خليفة الهنائي، على هذا الموقف قائلا إن موقف عم ربيع "شغل قلوب العرب"، موجها الشكر له ومضيفا: "مصر عظيمةٌ بأهلها، وبتاريخها، وببطولاتِ رجالها".
معاذ بن فيصل الحربي، لم يختلف عن الهنائي، في الإشادة، غرد قائلا: "ارفع لك القبعة احتراما وجزاك الله خيرا (..) أصيل يا ربيع".
وقال حساب باسم "عز الشيخ أيبك" في تغريدة أخرى: "عم ربيع وهو يرمي البرتقال (للشاحنات) كان يرمي رزقه ورزق عياله لأهله وأولاده وإخواته في غزة لأنه حاسس (يشعر) أنه واجب عليه يساعد".
وأضاف: "عم ربيع هو النموذج المشرف و هو الرسالة من ربنا إنك لما تقرر تتصدق لله بنيه خالصة ربنا مش هيسيبك (لن يتركك) وسيعوضك أضعاف أضعاف ويفتح لك أبواب الخير".
وقال محسن اليزيدي: "عم ربيع يمثل روح كل مواطن عربي يتمنى يقدم اي شيء لأهل غزة ".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن "إسرائيل" حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية". -