قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن اعتقال قوات الأمن الأردنية الناشط "خالد الناطور"، أحد قيادات حراك شعبي يتبنى مناصرة الفلسطينيين، هو عمل مدان ويكرس الإصرار الحكومي على القمع ومنع الحريات.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي أن هذا الإجراء يكرس كذلك استخدام السلطات الأردنية بشكل تعسفي لقانون الجرائم الإلكترونية سيء السمعة بالاعتقال والتوقيف على ذمة القضاء بهدف تقييد الحريات الأساسية والحق في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.
وجرى توقيف "الناطور"، مساء أمس الخميس، قبيل تظاهرة شعبية دعا لها نحو معبر "الشيخ حسين أو معبر نهر الأردن" على حدود الأردن مع "إسرائيل" اليوم الجمعة، مناصرةً للفلسطينيين في غزة واحتجاجًا على تقارير تفيد بوجود جسر ينقل البضائع إلى "إسرائيل" مرورًا بالأردن.
وبعد اعتقاله، تابع المرصد الأورومتوسطي رفض المدعي العام في عمان أي أنوع كفالة للإفراج عن "الناطور" وقراره بتحويل ملفه للقاضي، وبالتالي احتجازه بغطاء عدد من التهم المتعلقة بنشاطه، بما يخالف المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1976) التي تنص على أنه "لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا".
في هذه الأثناء تلقى المرصد الأورومتوسطي إفادات متطابقة بشأن منع قوات الأمن الأردنية عشرات المتظاهرين من الوصول إلى محيط معبر (الشيخ حسين) ابتداء من صباح اليوم الجمعة بغرض الاحتجاج، وذلك بإغلاق الطرق أمامهم وإقامة حواجز متنقلة وسط تعزيزات أمنية لافتة.
وأضطر المتظاهرون إلى أداء صلاة الجمعة عند إشارة (مجمع الأغوار) بعد منعهم من قبل الأجهزة الأمنية من الوصول إلى مسجد (الشونة) القريب من معبر (الشيخ حسين) كما كانوا يخططون للاحتجاج في منطقة المعبر.
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، رصد شن السلطات الأردنية حملات اعتقال وملاحقة للنشطاء بالتضييق، على خلفية المشاركة في تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد.
ورصد الأورومتوسطي اعتقالات ممنهجة ضد نشطاء بسبب التعليقات العلنية وقيادة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في إطار قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقره البرلمان بعد تعديلات جديدة في آب/أغسطس الماضي، رغم سيل من الملاحظات والانتقادات وفي غياب التشاور الداخلي.
وشملت التعديلات إضافة المزيد من الألفاظ والعبارات الفضفاضة وغير المحددة لتوسيع تجريم المنتقدين وأصحاب الرأي، وتغليظ العقوبات عليهم على نحو تعسفي وغير متناسب، فيما يبدو بهدف تقويض حرية التعبير وخلق سلطة للرقابة والسيطرة والحد من الأنشطة التي لا تناسب السلطات.
وفي 26 تشرين ثانٍ/نوفمبر الماضي أصدرت محكمة صلح "جزاء عمَّان" قرارًا بإدانة الناشط "أنس الجمل" بسبب تعليقات علنية له، وحكمت عليه بالسجن ثلاثة أشهر وغرامة خمسة آلاف دينار (ما يُقارب 7,840 دولارًا أمريكيًا).
وفي حينه أبلغت السيدة "ميرفت أبو غوش"، والدة الناشط "الجمل" الأورومتوسطي، أنه لم يُترك المجال لمحامي نجلها بالدفاع عنه، وتمَّ منعهم من تقديم مرافعة أو دفوع أو مناقشة شهود النيابة العامَّة أو تقديم إفادة دفاعية.
وتلقى المرصد الأورومتوسطي إفادات ووثق مقاطع مصورة تُظهر اعتقال مئات الأشخاص خلال تظاهرات متفرقة في الأردن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو أمر أكدته تصريحات وسائل إعلام محلية والسلطات الأردنية.
وتابع الأورومتوسطي إحالة السلطات الأردنية نحو 730 شخصًا إلى محكمة عمَّان بتهم تتعلق بقانون العقوبات، منها "ارتكاب أعمال عنف" و"الإضرار بالممتلكات العامة" بسبب المشاركة في تظاهرات، أو "التحريض على الفتنة" على خلفية التعليقات العلنية. وقد جرى الإفراج عن غالبية العدد المذكور بكفالة في انتظار المحاكمة، بينما برأت المحكمة عشرات آخرين.
وعليه، جدد الأورومتوسطي تأكيده أن الاستهداف الممنهج لنشطاء الرأي في الأردن ومحاولة منعهم من ممارسة حقوقهم التي يحميها الدستور الأردني، وتلك التي تكفلها المواثيق الدولية، تشكل انتهاكات لالتزامات الأردن الدوليَّة، وهو ما يستوجب معاقبة من يشغلون مواقع رسميَّة لمخالفتهم واجباتهم الدستوريَّة والتزامات الأردن الدوليَّة.
كما كرر مطالبته للسلطات الأردنيَّة بالالتزام بموجباتها الدستوريَّة والتزاماتها الدوليَّة من خلال الحفاظ على مساحة آمنة للنقاش العام، بعيدًا عن الاستهداف الممنهج للنشطاء.