تصاعدت في الآونة الأخيرة اقتحامات المستوطنين للقرى والبلدات والتجمعات الفلسطينية المجاورة للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وما يرافقها من إحراق المنازل وإطلاق النار على المواطنين، ومهاجمة الطرق، وحرق المركبات، ومنع المزارعين من العمل في أراضيهم.
لكن كل تلك الجرائم قد تكون نقطة في بحر ما تعمل حكومة الاحتلال الإسرائيلي عليه خلال المرحلة المقبلة، إذ يمكن أن تذهب بالأوضاع إلى منحنى متطرف خطير للغاية.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا عن عزم حكومة الاحتلال تسليح المستوطنين بالضفة بأسلحة ثقيلة وصواريخ، بعد تسليح آلاف المستوطنين بأسلحة رشاشة.
ويقول الخبير في شؤون الاستيطان صلاح الخواجا إن "ما يجري هو جزء من سياسة حكومة "بنيامين نتنياهو" و"إيتمار بن غفير"، إذ أقرت موازنة سنة 2023 مخصصًا لبناء الميلشيات المسلحة، وتمويلها بأكثر من نصف مليار شيكل".
ويوضح الخواجا، في حديث لوكالة "صفا"، أن حكومة الاحتلال بدأت بتعزيز دعم المستوطنين تحت ذريعة ما جرى في السابع من أكتوبر، في مسعى لتسليح 90 ألف مستوطن في مناطق الضفة، لبناء ميلشيات، على غرار التي تشكلت قبل عام 1948 مثل الهاغاناه التي أسهمت بارتكاب المجازر في القرى.
ويشير الخواجا إلى أن نية حكومة الاحتلال تسليح المستوطنين بالأسلحة الثقيلة، "مرحلة جديدة يراد بها الانتقال من العدوان اليومي، إلى مرحلة قد تشمل إلقاء صواريخ وقنابل على القرى والبلدات، كرد فعل مباشر على أي عمل مقاوم في مناطق الضفة".
ولفت إلى إطلاق مستوطنين طائرة مسيّرة باتجاه تجمع بدوي شرقي بيت لحم جنوبي الضفة، وإلقاء قنابل على بيت فلسطيني وحرقه، وإطلاق صاروخ قبل أعوام على قرية بورين جنوبي نابلس.
وأضاف الخواجا "هذا كله يشير إلى تطور خطير من خلال تشكيل 600 فرقة مسلحة خلال المرحلة المقبلة يقودها بن غفير".
وتابع الخبير أن "ما يُحضر للضفة من الاحتلال يجب الاستعداد له جيدا، من خلال بناء استراتيجية قائمة على الكفاح والنضال، والكف عن الحديث عن شريك للسلام، والتأكيد أن الشعب الفلسطيني في مرحلة صراع وتحد".
ودعا إلى خطوات عملية بعيدا عن الاكتفاء بالتنديد والإدانة وتوحيد كل جهد، واتخاذ قرارات للجم الاحتلال وسياسة العدوان وإنهاء الاستيطان في كل الأراضي.
سيطرة المستوطنين
بدوره، يقول الناشط في مقاومة الاستيطان بشار القريوتي إن "ما يجري في الضفة من استباحة للأراضي من المستوطنين، وعصابات تدفيع الثمن، جاء بعد أن أصبح المستوطنون يتحكمون في إدارة شؤون جيش الاحتلال، بعد تجنيدهم وتوفير كافة الإمكانيات لهم".
ويبين القريوتي، في حديث لوكالة "صفا"، أن كثيرًا من المستوطنين أصبحوا ضباطًا في جيش الاحتلال، وهم من يقتحمون القرى والبلدات، حتى بلباسهم العسكري بهدف الانتقام من المواطنين، وإجبار الأهالي على إخلاء منازلهم.
ويتوقع القريتوتي أن تكون المرحلة المقبلة في الضفة "هي الأخطر منذ احتلالها"، بعد تسليح المستوطنين والتهديد باستخدام أسلحة ثقيلة.
ويوضح أن المناطق القريبة من المستوطنات ستكون ضحية ممارسات خطيرة مقبلة، إذ إنها تعيش داخل جزر استيطانية متطرفة، عدا عن أن الضفة ستشهد المزيد من تقطيع الأوصال والسيطرة عليها بالقوة والإرهاب.