web site counter

تمتلك أوراق قوة.. ما المطلوب من السلطة في ظل تصاعد جرائم الاحتلال ومستوطنيه بالضفة؟

رام الله - خــاص صفا

نحو 500 شهيد ارتقوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في محافظات الضفة الغربية المحتلة منذ مطلع العام الجاري، على وقع تغول غير مسبوق من عصابات المستوطنين المسلحين على المواطنين والأراضي.

ورغم تواصل الاعتداءات وتصاعدها وسيطرة المستوطنين على ما نسبته 68% من مساحة مناطق "ج" و42% من مساحة الضفة الغربية، ووصول أعداد المستوطنين إلى أكثر من 750 ألفًا في الضفة، إلى أن السلطة الفلسطينية وحكومتها وهيئاتها لم تقدم على إجراءات من شأنها محاولة وضع حد لاعتداءات المستوطنين وتمددهم في الضفة.

أوراق قوة

ويقول الباحث في مركز "يبوس" للدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات إن ثمة مجموعة أوراق قوة تمتلكها السلطة يمكنها استخدامها، أبرزها أنها الكيان السياسي المعترف به ممثلا للفلسطينيين بناء على الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير، وبالتالي تقديم أوراق وتقارير رسمية أمام أي محفل دولي يتعلق بجرائم المستوطنين التي تجري في الضفة.

ويضيف بشارات لوكالة "صفا" أن الورقة الثانية هي امتلاكها لجهاز دبلوماسي كبير، من خلال السفراء والممثلين في السفارات في غالبية عواصم العالم، وهذه ورقة قوة مهمة.

ويتابع "يمكن للسفراء وضع خطة عمل واضحة بهذا الاتجاه لفضح كافة ممارسات المستوطنين أمام المحافل والبعثات الدبلوماسية الغربية ومخاطبة المؤسسات الدولية جميعا".

ويرى بشارات أن بإمكان السلطة مخاطبة العالم باعتبارها كيانا سياسيا يمثل الفلسطينيين جميعا، بطبيعة ارتدادات ما يجري على الأرض من اعتداءات المستوطنين، وحمل هذه المعاناة إلى العالم من خلال الأمم المتحدة باعتبارها ممثلة فيها، ومن خلال المجموعة العربية والإسلامية في مجلس الأمن، ما يمكنها من طرح هذا الملف بقوة على طاولة مجلس الأمن.

ويتطرق الباحث إلى وجود قوة إضافية تمتلكها من خلال أجهزتها الأمنية والشرطية، "فمثلما يطلب منها التزامات أمنية للاحتلال، مطلوب منها أن توفر التزامات أمنية لحماية الفلسطينيين على الأرض، ويمكن أن تطلب تفعيل الأجهزة الشرطية على الأرض في المدن والقرى والمناطق التي يتعرض لها الفلسطينيون لاعتداءات ومواجهات من المستوطنين".

ويشير إلى أن باستطاعة السلطة التهديد باستخدام القوة تجاه المستوطنين، على غرار ما يقوم به وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير من عملية تسليح للمستوطنين، "إذ بإمكان السلطة التهديد بقرار بالمثل".

موانع

ورغم امتلاك السلطة بعض أوراق القوة، إلا أن بشارات يعتقد أن هناك موانع تحول دون تنفيذها، وتتمثل في عدم توفر الإرادة السياسية بشكل أساسي، والخوف من تبعات أي قرار من القرارات.

ويقول إن: "السلطة في شكلها الحالي لم تعد قائمة وفقا للعمل المؤسسي المتكامل؛ فهناك غياب لمنظمة التحرير ومؤسساتها وغياب للمجلس التشريعي وكافة الأطر ومؤسسات المجتمع المدني، وأصبح هناك حالة فجوة بين القيادة السياسية والمجتمع، وبات الخطاب السياسي يعبر عن مجموعة أشخاص بعيدا عن الكيان الفلسطيني".

ووفق بشارات، فإن أي تحرك هو نتيجة الارتباط والارتهان للمواقف الدولية، وربط السلطة ومستقبلها السياسي بالرضا والقبول الدولي وتحديدا الولايات المتحدة، إضافة إلى التمويل وعدم القدرة على الإنفاق اقتصاديا، أو قدرتها على إحداث حالة تنمية داخلية.

ويلفت إلى أن "السلطة تتخوف من أن أي خطوة قد تتخذ بهذا الاتجاه يمكن أن تتسبب بخطوات معاكسة تؤدي إلى تغييرها، وهذا ما شاهدناه في خطاب نتنياهو والإدارة الأمريكية، إذ شكلا ورقة ضغط على السلطة مؤخرا لتغييرها".

وينوه الباحث إلى وجود خشية لدى قيادة السلطة من أن بقاءها في سدة الحكم مرتبط بتقديم تنازلات أخرى، أو عدم الذهاب لحالة من الصدام مع الاحتلال و المجتمع الدولي.

ويشير بشارات إلى إشكالية أخرى تتمثل في حالة الضعف العربي، إذ إن الموقف العربي والإسلامي والإقليمي لم يستطع تشكيل قرار ضاغط على الولايات المتحدة لوقف الحرب على غزة.

القانون الدولي والزخم الشعبي

بدوره، يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي إن السلطة تمتلك مجموعة من الأوراق، وهي أهم أدواتها ضمن مسار القانون الدولي لملاحقة الاحتلال.

ويرى الشوبكي، في حديث لوكالة "صفا"، أن السلطة تتحرك لكن ليس بخطوات كبيرة في هذا المجال، كالحديث عن محاكمة "إسرائيل" والتوجه للمحاكم الدولية.

وذكر أن "السلطة لا تستطيع الذهاب للمحكمة الدولية مباشرة لأنها ليست كاملة العضوية، ولكن من خلال من تبنوا الموقف الفلسطيني وناصروا القضية يمكن التوجه إلى محكمة العدل الدولية والتي بدورها ستشكل ضغطا على المحكمة الجنائية الدولية".

ويشير الشوبكي إلى وجود "انعطافة في الموقف الغربي لصالح الموقف الفلسطيني، سواء على مستوى الرأي العام الشعبي أو على مستوى المواقف الرسمية، الأمر الذي يمكن السلطة أن تستثمره؛ لتزيد من حجم التحشيد على المستوى الدولي، لصالح البرنامج الذي قبلت به وهو حل الدولتين على الأقل".

ولا يستبعد الشوبكي "التلويح بالفعل على الأرض وإعطاء الضوء الأخضر لحركة فتح لأن تكون جزءا من العمل النضالي على المستوى الشعبي على الأقل، لأن بعض قيادات الحركة بدأت تلوح بها من بينهم محمود العالول، لكن دون وجود دلائل بالتوجه لهذا الخيار".

ويلفت إلى أنه بإمكان قيادة السلطة الفلسطينية مخاطبة القوى على مستوى العالم بالقاعدة الجماهيرية لحركة فتح، "فهي قاعدة باتت تغلي نتاجا لما تراه من اعتداءات إسرائيلية، ونتاجا لطريقة الحديث الأمريكي الإسرائيلي حول مستقبل السلطة ومستقبل القيادة ومستقبل الدولة الفلسطينية".

أ ج/ع ع

/ تعليق عبر الفيس بوك