طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بفتح تحقيق دولي مستقل في معلومات عن قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بدفن مصابين ومواطنين فلسطينيين وهم أحياء في ساحة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال غزة، والذي انسحبت منه قوات الجيش بعد 9 أيام من الحصار والاقتحام واقتراف فظائع مروعة.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له اليوم السبت: إنه تلقى شهادات وشكاوى من طواقم طبية وإعلاميّة تؤكد أنّ الجرافات الإسرائيلية دفنت فلسطينيين أحياءً في ساحة المستشفى قبل انسحابها منها صباح اليوم, وانه كان بالإمكان مشاهدة أحد الجثامين على الأقل وسط أكوام الرمال، وسط تأكيد مواطنين أنه كان مصابا قبل دفنه وقتله.
وأكدّ المرصد أن فرقه تواصل توثيق ما جرى في المستشفى بما في ذلك المعلومات عن قتل أحياء ومصابين بدفنهم في ساحة المستشفى، مشددةً على ضرورة فتح تحقيق دولي في مجمل ما شهده المشفى من انتهاكات فظيعة، استهدفت المرضى والنازحين والطواقم الطبية على مدار الأيام الماضية، ضمن عملية استهداف شاملة للمستشفيات والخدمات الصحية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي في قطاع غزة.
وأبرز البيان، أنه بعد عدة أيام من الاعتداءات المتكررة والحصار نفذت جرافات جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم عمليات تجريف داخل المستشفى ودمرت بالكامل الجزء الجنوبي منه، قبل أن تنسحب منه مخلفةً دماراً هائلاً.
وأشار المرصد، أنه قبل نحو 9 أيام اقتربت الدبابات الإسرائيلية من المستشفى واعتلى قناصة جيش الاحتلال الإسرائيلي البنايات العالية وشرعوا بإطلاق النار على أي شخص يتحرك في المنطقة.
وفي يوم الاثنين 11/12/2023، قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلية قسم الولادة في المستشفى بشكل مباشر ما أدى لاستشهاد سيدتين وطفليهما وبتر أقدام سيدة ثالثة.
و في يوم الثلاثاء 12/12/2023، اعتقلت قوات جيش الاحتلال مدير المستشفى الدكتور أحمد الكحلوت، واقتادت أكثر من 70 من الكوادر الصحية إلى خارج المستشفى الى جهة غير معلومة.
واقتحمت قوات جيش الاحتلال عدة مرات المستشفى خلال هذه الأيام وحولت أسطحه ومبانيه إلى ثكنات عسكرية، وفرضت حصاراً على الموجودين داخله وحرمتهم من الحصول على الطعام والماء.
وأفاد شاهد عيان طلب عدم ذكر اسمه: أنّ جيش الاحتلال بعد 48 ساعة من اقتحام المستشفى وحصاره المشدد طلب من جميع الذكور في المستشفى من سن 16 سنة بالخروج بما فيهم الطواقم الطبية في ساحة المستشفى، ثم قسمهم على شكل مجموعات من 5 أشخاص أخضعهم للتصوير للتحقق من هوياتهم.
ولاحقا عملت قوات جيش الاحتلال على إخلاء المستشفى, علماً بأنّ غالبية من كان في المستشفى هم جرحى وأطفال خدج ومصابين, حيث كان به 65 إصابة و12 طفلا في العناية المركزة و6 أطفال خدج و2500 نازح و100 من الكوادر الطبية.
وعند اخلاء المستشفى, أجبرت قوات جيش الاحتلال الذكور على خلع ملابسهم باستثناء البوكسر، واحتجزتهم وهم في العراء في ساحة لمدة 6 ساعات قبل أن تعتقل منهم حوالي 50-60 شخصًا وافرجت عن البقية وطلبت منهم التوجه إلى المدارس التي بها مراكز إيواء.
وبقي داخل المستشفى حوالي 50 من المرضى وذويهم و5 من الأطباء والممرضات، احتجزوا داخل أحد المباني دون طعام أو شراء أو كهرباء.
وأبرز المرصد أنه خلال اقتحام المستشفى، دمّرت قوات الاحتلال الاسرائيلية البوابات الخارجية، وجزءاً من مبنى الإدارة والصيدلية وأحرقت مخزن الأدوية قبل تدميره، ودمرت بئر المياه ومولد الكهرباء ومحطة الأكسجين.
وفي فعلٍ غير أخلاقي وغير إنساني, عملت حفرة كبيرة في ساحة المستشفى ونبشت حوالي 26 جثة لشهداء دفنوا في أوقات سابقة في المكان لتعثر دفنهم في المقابر، حيث عملت الجرافة على إخراجهم بشكل مهين ويحط بكرامة الميت.
وأشار المرصد إلى أنّ جيش الاحتلال نشر صورة لأربعة اشخاص وهم يخرجون من المستشفى وهم يحملون 4 قطع سلاح من نوع كلاشنكوف، وحاولت أن تصورهم كأنهم من المسلحين، غير أن تحقيقات المرصد الأولية أظهرت أن أحدهم طبيب متدرب والآخر ممرض والآخران من النازحين، وأن قوات الاحتلال أجبرته على حمل الأسلحة الخاصة بعناصر الشرطة التي تحرس بوابات المستشفى.
وأكد المرصد تلقيه شهادات عن استشهاد أحد المسنين نتيجة الجوع والعطش داخل المستشفى، واستشهاد آخر بعدما أطلقت قوات الاحتلال تجاهه أحد كلابها، فيما استشهد عدداً من الأطفال والمرضى كانا داخل غرفة العناية المركزة، نتيجة عدم تلقيهم الرعاية الصحية الملائمة.
وقال المرصد الأورمتوسطي: إنّ الفظائع التي اقترفتها قوات الاحتلال في مستشفى كمال عدوان امتداد لهجمات جيش الاحتلال الاسرائيلي المتكررة، على المرافق، والطواقم، ووسائل النقل الطبية ضمن سياسة ممنهجة منذ 7 أكتوبر الماضي، هدفت إلى تدمير نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة، وهو ما يشكل جريمة حرب بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني.
يعيد الأورومتوسطي التذكير بأنّ المستشفيات والمرافق الطبية ووسائط النقل الخاصة بالعمل الطبي هي أعيان مدنية تتمتع بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب. وبموجب هذه القوانين لا تفقد المستشفيات حمايتها من الهجوم إلا إذا استُخدمت لارتكاب "أعمال ضارة بالعدو"، وبعد تحذير ضروري.
وأكد أنّ "اسرائيل" حتى الآن لم تقدم أي دلائل قوية على استخدام المستشفيات لغير عملها الصحي. والأخطر من ذلك، أن قواتها استخدمت المستشفيات كثكنات عسكرية ومواقع لتمركز القناصة ومقرات للتحقيق مع المرضى والنازحين والطواقم الطبية.
وأشار المرصد على أنّ قواعد القانون الدولي الإنساني تشدد على وجوب حماية الموظفين الطبيِّين والسماح لهم بأداء عملهم، وهو امر تنتهكه "إسرائيل" بشكل فج.