شمال سوريا- يصطحب بشار عبد السلام طفليه إلى أحد مساجد منطقة سرمدا، لدعم أهالي قطاع غزة بعد أن فتحت المساجد أبوابها للتبرع في مناطق شمال سوريا.
حمل بشار أقراط ابنته الذهبية مع مبلغ مالي ووضعها في محراب المسجد أثناء جمع الإمام التبرعات، لإرسالها إلى وزارة الأوقاف التي تتولى بدورها إرسالها لأهالي القطاع.
يعبر بشار، في حديثه للجزيرة نت، عن مشاعره بعد أن سمع نداءات التبرع لأهالي قطاع غزة، مؤكدا أنه لا يملك سوى هذه الأقراط ليفدي بها إخوانه المحاصرين، مضيفا "تتفطر قلوبنا كل يوم ونحن نشاهدهم يموتون، لو استطعنا أن نفديهم بدمائنا لفديناهم، يوما ما تقاسموا معنا خبزهم، فكيف لا نفديهم بأموالنا؟".
وأطلق أهالي شمال سوريا حملات للتبرع في معظم المدن والقرى، وجاءت الحملات تحت مسمى "ردّ الدَّين" للشعب الفلسطيني الذي كان أكثر الشعوب سخاء مع أهالي شمال سوريا، وحث العلماء والخطباء الناس على التبرع ونصرة أهالي غزة.
تبرعات تحت القصف
تمكن مدير فريق إدلب التطوعي نصر العيدو، من جمع تبرعات للفلسطينيين بآلاف الدولارات من مناطق الشمال السوري ومتبرعين آخرين، لصالح قطاع غزة.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال العيدو إنهم خلال الفترة الماضية أطلقوا حملة لصالح المحاصرين في قطاع غزة، وكان هناك تعاطف واسع في شمال سوريا، وتم جمع التبرعات وإيصالها للقطاع، وتم توزيع عشرات السلال الغذائية هناك، مع مساعٍ لدعم مشاريع أخرى.
وأضاف أن هذه الحملة جاءت تحت مسمى "ردّ الدَّين" لأهلنا في فلسطين؛ لأن هناك عشرات المشاريع بملايين الدولارات تم تنفيذها في مناطق شمال سوريا بدعم من متبرعين فلسطينيين، حيث كانوا أكثر المتبرعين العرب لإخوانهم في شمال سوريا.
وجاءت تبرعات سكان الشمال السوري رغم تعرض مناطقهم خلال الشهر الماضي إلى حملة عنيفة من قِبل النظام السوري وروسيا، سقط على إثرها عشرات الضحايا، ونزح أكثر من 200 ألف مدني إلى مناطق أكثر أمانا.
ورغم ذلك، خرجت مظاهرات حاشدة في مدن الشمال السوري نصرة لقطاع غزة، شارك فيها كافة الشرائح من شيوخ عشائر وفعاليات مدنية ومنظمات محلية ودولية ومثقفين ومعلمين.
غزة وإدلب جرح ينزف
يقول عبد الله الكامل، وهو إمام مسجد وخريج كلية الشريعة، إن كل الخطب في يوم الجمعة في مساجد الشمال السوري كانت للتعاطف مع قطاع غزة، وحث الأهالي على التبرع.
وفي حديث للجزيرة نت، أضاف الكامل "رغم ما تعرضنا له من ظلم من قِبل النظام السوري وحلفائه، ولكن تبقى القضية الفلسطينية في قلوبنا، وما يمنعنا عن نصرتهم هو وجود هذا النظام الذي يقمع أبناء الشعب الفلسطيني ويمنعهم من التظاهر في مناطق سيطرته".
وجرت فعاليات إعلامية ومدنية، كما انتشرت لوحات ضوئية في معظم طرقات الشمال السوري تحت شعار "غزة وإدلب جرح ينزف".
الموت أفضل من التهجير
شارك الشاب حازم اليحيى في عدد من المظاهرات نصرةً لقطاع غزة في منطقة إدلب شمال سوريا، حيث لم يثنهِ نزوحه للمرة الثالثة مع عائلته بسبب القصف عن الخروج والتعبير عن غضبه من القصف الإسرائيلي.
وفي حديث للجزيرة نت، أكد اليحيى أن استشهاد عائلة مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح، هو من أكثر المشاهد التي أثرت به، مؤكدا أنه ذرف الدموع أثناء مشاهدته للدحدوح وهو يودع عائلته؛ لأنه شاهد هذه المجازر أكثر من مرة في قريته على يد النظام السوري.
وأضاف أن "الاحتلال الإسرائيلي والنظام السوري قَتَلة، ونحن وأهالي القطاع نعيش الظلم نفسه، ونتمنى أن لا يكون مصيرهم كمصيرنا، وهو التهجير؛ لأن الموت أفضل بكثير من الخروج من الأرض".
المصدر: الجزيرة