أحدثت عملية كتائب القسام العسكرية في السابع من أكتوبر/تشرين أول الجاري، زلزالاً أمنياً وعسكرياً إسرائيلياً له تبعاته على الصعيد الإقليمي، ولاسيّما ما تلاه من تهديدات إسرائيلية أمريكية بتغيير ملامح الشرق الأوسط.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، نشرت واشنطن حاملتي طائرات في شرق المتوسط وقدمت دعماً دبلوماسياً وعسركياً لإسرائيل، فهل ينذر الموقف الأمريكي بحرب شاملة في المنطقة؟
يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية الدكتور أيمن يوسف، أن عملية المقاومة أدت لانهيار منظومة الردع الإسرائيلية وتراجع سمعة الكيان في العالم، الأمر الذي اضطر واشنطن حليف إسرائيل المتين، إلى التحرك لضمان أمن إسرائيل وعدم توسع رقعة التصعيد، وسط قلقها الشديد من أن يغري المآل الذي صارت إليه إسرائيل بعض القوى الإقليمية للتدخل في الحرب.
وقال إنه لا يستغرب مشاركة القوات الأمريكية الفعلية في المعركة، وهي بالفعل أرسلت قواتها الخاصة لدعم الاحتلال في العثور على الرهائن المأسورين لدى المقاومة.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية الديموقراطية في أيامها الأخيرة، وبايدن يسعى لكسب دعم اللوبي الصهيوني في أمريكا من خلال دعمه لإسرائيل، خاصة بعد قطيعة طويلة بين بايدين ونتنياهو.
ويستبعد الدكتور يوسف تحول المعركة إلى حرب إقليمية شاملة، موضحاً أن إيران حليفة محور المقاومة لن تتدخل في الحرب بشكل مباشر، ولكنها ستستخدم أذرعها في المنطقة كحزب الله، وسوريا والحركات الإسلامية في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
ومنذ اليوم التالي لبدء للمعركة، شهدت الحدود الفلسطينية الشمالية توتراً عسكرياً، إذ يواصل كل من جيش الاحتلال وحزب الله قصف مواقع للجانب الآخر بشكل يومي.
وحول تطور التصعيد على الحدود اللبنانية، يقول يوسف في حديثه لوكالة "صفا"، إن جبهة الشمال ستظل محدودة لدعم المقاومة في غزة، مبيّناً أن المقاومة قادرة على الانتصار في المعركة دون أن تتحول إلى حرب كبرى متعددة الجبهات.
من ناحيته يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية أن سيناريو تدخل إيران في المعركة غير مرشح، وهو يعني دخول أطراف دولية أخرى وتحول المعركة إلى حرب كونية.
وقال في حديثه لـ "صفا"، إن تصاعد الجبهة المفتوحة من حزب الله كونه الذراع الإيراني في المنطقة، مرتبط بعدة محددات إحدها دخول إسرائيل البري إلى القطاع.
الدخول البري..
ولم يتمكن الاحتلال من حسم قرار الدخول البري للقطاع بعد، رغم استدعائه أكثر من 360 ألفاً من جيش الاحتياط، وحشد مئات الدبابات والآليات العسكرية على تخوم غزة.
وفي هذا الصدد، يتوقع رمانة أن احتمالية الدخول البري للقطاع واردة بشكل كبير، رغم الخسائر الفادحة التي سيتكبدها الاحتلال من قتلى وأسرى في صفوف جنوده.
وأضاف أن هناك عدة عقبات أمام الدخول البري، من بينها اشتعال الجبهة الشمالية، وتصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية خاصة بعد أحداث مخيم نور شمس في طولركم.
وبيّن أن الاحتلال إذا حسم أمره بالدخول براً إلى غزة، فلن يتجاوز أطراف القطاع إلى العمق، وسيرتكب مجازر أكبر من التي ارتكبها في الأيام الماضية.
وأشار رمانة إلى أن إسرائيل تحاول أن تحرز نصراً يرمم صورتها التي تهشمت جراء الضربة التي تلقتها في السابع من الشهر الجاري، والتي تعتبر ضربة استراتيجية أعادت الاحتلال عشرات السنين إلى الوراء.
وبيّن أن خطة إسرائيل بتهجير أهالي القطاع فشلت في مهدها، موضحاً أن الاحتلال ظن أن بمقدوره تهجير أهالي القطاع إلى سيناء مصر، عن طريق ارتكاب المجازر بتغطية من الشرعية الدولية، للقضاء على المقاومة وهدم غزة بالكامل.
وأضاف إن الموقف المصري كان واضحاً وصريحاً بإغلاق الحدود وعدم السماح حتى للجنسيات الأجنبية بالعبور، مع الرفض القاطع لمخطط التهجير إلى سيناء.
الرهائن.. ورقة المقاومة الرابحة
وكان أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، قال إن عدد الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية ما بين 200 إلى 250 أسيراً، لدى القسام نحو 200 أسير، والبقية موزعون لدى مكونات المقاومة الأخرى.
ويصف رمانة قضية الرهائن باليد التي تؤلم إسرائيل، مبيّناً أنه إذا ما تمت صفقة جزئية ستشترط المقاومة إدخال المستلزمات الصحية، والوقود والغذاء إلى القطاع، إلى جانب إطلاق سراح الأسيرات وصغار السن في سجون الاحتلال، وهذا سيسجل انتصاراً جديداً للمقاومة.
وأضاف إن إسرائيل ستبقى بين نارين، إما أن تعقد صفقة وتعطي المقاومة نصراً جديداً، أو تبقى تحت الضغط لتقصيرها في الإفراج عن الرهائن المدنيين.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، طلبت واشنطن من قطر التوسط للإفراج عن الرهائن لدى المقاومة بعدما تأكدت أن الإنقاذ العسكري مستحيل.
فيما ذكر موقع بلومبيرغ الأمريكي، أن الحكومات الأمريكية والأوروبية ضغطت على إسرائيل من أجل تأجيل الدخول البري لقطاع غزة، من أجل كسب الوقت لإنجاح محادثات سرية بوساطة قطر للإفراج عن الرهائن.
وأكد رمانة أن احتمال اتساع المعركة ودخول أطراف جديدة إلى الحرب يبقى مطروحاً، خاصة بعد تعرض سفن وقواعد أمريكية في اليمن والعراق وسوريا إلى قصف وضربات جوية.