يعود الحاج ياسر الهذالين باكراً بعد أن كان يقضي النهار كاملاً يجوب مع ماشيته مراعي جبال تجمع أم الخير في مسافر يطا جنوبي الخليل بالضفة الغربية المحتلة، قبل الاستيلاء عليها من قبل المستوطنين الرعاة.
ويقول الهذالين الذي كان يرعى مئات الرؤوس من الأغنام، التي تقلصت إلى العشرات أو أقل نظراً لمحدودية المراعي، في حديثه لوكالة "صفا":" إن المراعي قبل سنوات قليلة كانت مفتوحة وتملأ التلال والجبال في المنطقة، ولكن في الآونة الأخيرة يحاصر رعاة الأغنام ويمنعون من الوصول إلى المراعي بعد استيلاء الاحتلال عليها عن طريق الاستيطان الرعوي".
ويضيف أن "مئات الدونمات تم الاستيلاء عليها بعد نصب مستوطنين خيام وحظائر لماشيتهم على قمم الجبال والتلال، وسرعان ما يسيّج الاحتلال الأرض وما يحيطها من عشرات الدونمات ويمنع الرعاة الفلسطينيين من الوصول إليها".
ويتعرض أهالي تجمع أم الخير لاعتداءات شبه يومية من قبل مستوطني مستوطنة "كرمئيل"، التي يبعد سياجها خمسة أمتار فقط عن منازل المواطنين.
ويبيّن الهذالين أن المستوطنين يتجولون مسلحين مع ماشيتهم في المراعي، ويطردون المواطنين منها تحت تهديد السلاح وبحماية قوات الاحتلال.
8 بؤر رعوية
من جهته أفاد منسق لجنة حماية وصمود جبال جنوب الخليل ومسافر يطا فؤاد العمور بأن الاحتلال أقام 8 بؤر استيطانية رعوية جنوب الخليل خلال العام الجاري، صادر بموجبها آلاف الدونمات من أراضي المواطنين.
ويضيف العمور لوكالة "صفا" أن تمدد الاستيطان على المساحات الرعوية، تسبب في تراجع الثروة الحيوانية التي تمثل المصدر الرئيسي الذي يعتاش عليه أهالي المسافر وجبال جنوب الخليل، موضحاً أن الرعاة يلجأون للأعلاف في ظل تقلص المراعي، ما يكبدهم تكاليف مادية باهظة.
ويشير إلى أن الاحتلال يستهدف قمم الجبال وفق سياسة مدروسة وممنهجة، إذ تصبح السهول والوديان خطوط حماية للمستوطنين، ويُمنع المواطنين من دخولها أو زراعتها إلا بتنسيق من الإدارة المدنية التابعة للاحتلال، وبهذا يتمكن الاحتلال من السيطرة على أكبر قدر من المساحات الرعوية المفتوحة.
ويؤكد العمور أن الاستيطان الرعوي ممنهج ومدعوم من قبل جمعيات صهيونية متطرفة، تسعى للسيطرة على أراضي المواطنين بأسهل الطرق وأقل التكاليف، ومن بينها جمعيات "فتية التلال"، و"تدفيع الثمن" و"رعاة الآن".
بدوره، يبيّن مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجة أن "هناك نحو 60 ألف جمعية استيطانية مرخصة من حكومة الاحتلال ومدعومة من لوبيات صهيونية، تهدف إلى الاستيلاء على أراضي المواطنين وضمها للمستوطنات".
ويوضح في حديثه لوكالة "صفا"، أن إحدى الجمعيات المعروفة باسم "رغاديم" متخصصة في مراقبة الانتشار السكاني الفلسطيني في مناطق "ج"، في حين تعنى جمعية "القبعات الخضراء" بمراقبة الانتشار الزراعي الفلسطيني في مناطق "ج".
ويلفت إلى أن المنتمين إلى هذه الجمعيات من أكثر المستوطنين تطرفاً وعنصرية، ويقطنون المستوطنات المحاذية للتجمعات الفلسطينية.
ويقول بريجة إن "الاحتلال استحدث الاستيطان الرعوي والزراعي مؤخراً لتسهيل السيطرة على الأراضي بتكاليف أقل وبتغطية قانونية، إذ يستغل الاحتلال نص القانون العثماني الذي يقضي بصلاحية السلطات إعلان أي أرض غير مفلوحة لمدة عشر سنوات، أملاك دولة".
ويعتبر الاستيطان الرعوي أحد أبرز أساليب الاحتلال التوسعية، إذ تتم من خلاله السيطرة على مناطق زراعية ومراعي شاسعة دون أوامر عسكرية، تمهيداً لتحويلها إلى بؤر استيطانية أو مناطق عسكرية مغلقة.