web site counter

شهد تحولات جذرية

أيقونة الانتفاضة الثانية.. كيف "استعر" تهويد الأقصى طوال 23 سنة؟

القدس المحتلة - رنا شمعة - صفا

طوال 23 سنةً، والمسجد الأقصى المبارك يشهد تسارعًا خطيرًا وغير مسبوق في تنفيذ مخططات التهويد باستخدام أساليب متعددة تستهدف طمس معالمه الإسلامية والعربية، ومحاصرته بالأنفاق والكنس والأبنية اليهودية، تمهيدًا لإطباق السيطرة الكاملة عليه، ومن ثم هدمه وبناء "الهيكل الثالث" المزعوم فوق أنقاضه.

وتأتي الذكرى الـ23 لانتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28 سبتمبر 2000، فيما يمر المسجد الأقصى بواقع مرير ومراحل أشد خطورة، بفعل تصاعد مخططات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى تهويده بالكامل، وفرض وقائع جديدة عليه.

تحول جذري

نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس ناجح بكيرات يقول إن المسجد الأقصى شهد منذ عام 2000، تحولًا جذريًا في سياسة الاحتلال إزاء إدارة هذا الملف الحساس، من حيث الاقتحامات والتدخل في شؤون الأوقاف والإعمار، فضلًا عن محاولات إغلاقه، وتفريغه من المصلين، وأعمال الحفريات والتهويد.

ويوضح بكيرات، في حديث لوكالة "صفا"، أن شرطة الاحتلال أخذت على عاتقها فتح باب المغاربة أمام اقتحامات المستوطنين والسياح، دون الرجوع إلى دائرة الأوقاف الإسلامية، رُغم رفض الأخيرة لذلك، إلا أنها تمكنت من فتحه بالقوة نهاية العام 2002، وأصبحت هي المسؤولة عن إدخال السياح الأجانب والمقتحمين اليهود ومرافقتهم.

وسنةً بعد سنة، بدأت الأوضاع تتصاعد بشكل أكثر خطورة في المسجد الأقصى- وفقًا لبكيرات- من حيث زيادة أعداد المستوطنين المقتحمين للمسجد، وإلغاء مصاطب العلم وإعلان الاحتلال المرابطين والمرابطات كتنظيم خارج عن القانون في عام 2015.

والعدوان الأخطر على الأقصى، حين وضعت سلطات الاحتلال في عام 2017 كاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية على أبوابه، وأغلقت المسجد بالكامل، ومنعت المصلين من دخوله لأداء صلاة الجمعة، بعد عملية إطلاق النار التي نفذها ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم المحتلة داخل الأقصى، وعلى إثرها اندلعت "هبة باب الأسباط".

ويبين بكيرات أن ما تسمى "سلطة الآثار" الإسرائيلية برفقة شرطة الاحتلال اقتحمت الأقصى نحو 15 مرة منذ عام 2000 حتى أزمة "كورونا" عام 2020، وأخذت قياسات المسجد، كما أُغلقت أبوابه بحجة "كورونا".

اعتداءات متصاعدة

ولم تتوقف الاعتداءات على الأقصى، بل واصل الاحتلال استهداف مصلى باب الرحمة، من خلال اقتحامه وتدنيسه عشرات المرات، وملاحقة المصلين داخله واعتقالهم وإبعادهم عنه، وكذلك منع ترميمه وإعماره، بهدف الاستيلاء عليه وتحويله إلى كنيس يهودي.

وتصاعدت وتيرة استهداف الاحتلال للمصلين والمرابطين والمرابطات بالأقصى، عبر زيادة التضييق عليهم بالملاحقة والاعتقال والإبعاد عنه لفترات متفاوتة، في محاولة لتفريغه من رواده، وفرض وقائع جديدة فيه.

ومنذ ما يزيد عن عشر سنوات، تتعمد سلطات الاحتلال مواصلة عرقلة وتعطيل ترميم وإعمار نحو 23 مشروعًا حيويًا ومهمًا في المسجد، وتضع قيودًا مشددة على إدخال المواد والمعدات اللازمة، بالإضافة إلى أعمال الترميم والصيانة التي تحتاجها المرافق والبنية التحتية داخله.

ووفقًا لبكيرات، فإن حكومة الاحتلال وجماعاتها المتطرفة بدأت في عامي 2021-2022 بالتحضير "للتأسيس المعنوي للهيكل"، عبر "لباس الكهنة"، وأداء الطقوس التلمودية العلنية، ونقل الأعياد والرواية التوراتية داخل الأقصى، ومحاصرته وتشجيع المقتحمين على أداء الصلاة و"السجود الملحمي"، و"نفخ البوق"، ومحاولة إدخال "القرابين"، ورفع علم الاحتلال بالمسجد.

وفي العام 2023، تصاعدت الحرب الدينية المسعورة، التي تشنها قوات الاحتلال و"جماعات الهيكل" على الأقصى بشكل غير مسبوق، ضمن خطوات خطيرة متتالية طالت كل مكوناته، بهدف فرض "السيادة الإسرائيلية" الكاملة عليه.

وشهد هذا العام اجتماع حكومة الاحتلال المتطرفة داخل أحد أنفاق حائط البراق غربي الأقصى، وتمويلها ودعمها لخطوات التحضير لإقامة "الهيكل الثالث" مكان المسجد، وجلب "البقرات الخمس"، تمهيدًا لحرقها على جبل الزيتون.

تحرك فاعل

ويؤكد بكيرات أن الاحتلال ركز منذ انتفاضة الأقصى على ما يسمى "الحوض المقدس"، عبر محاولته تفريغ الشيخ جراح وسلوان والصوانة والبلدة القديمة من المقدسيين، بغية إضعاف الوجود الفلسطيني، وإحلال المتطرفين اليهود، بالإضافة إلى إقامة "الحدائق التوراتية" و"القبور الوهمية"، والمشاريع التهويدية في محيط الأقصى.

ويعمل الاحتلال على عدة مشاريع في محيط الأقصى تستمر حتى عام 2040، تشمل بناء الكنس والمعاهد والمدارس الدينية اليهودية، و"القطار الهوائي"، وغيرها بهدف خنق المسجد وعزله عن محيطه الفلسطيني.

وعن الحفريات، يوضح بكيرات أن أعمال الحفريات تسارعت بشكل كبير في أسفل الأقصى ومحيطه، حتى بلغ عددها منذ احتلال القدس عام 1967، (64) حفرية منها 11 ما زال العمل مستمرًا فيها، مما يهدد أساسات المسجد وجدرانه، بعدما عمل الاحتلال على تغيير معالمه الإسلامية.

ومنذ العام 1967، أقام الاحتلال 100 كنيس يهودي في محيط الأقصى، أشهرها ما يسمى كنيس "الخراب"، في محاولة لإثبات أن "مدينة القدس يهودية".

ويقول بكيرات : "إذا بقيت الأوضاع على هذه الحالة وبهذه الطريقة، فإن التقسيم المكاني وبناء الهيكل سيكون قريبًا جدًا، لأن كل ما يجري هي محاولة إسرائيلية لتحقيق فكرة الهيكل، لذلك، لابد من التحرك العاجل والفاعل فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا لإفشال المشروع الصهيوني".

ر ش/أ ج/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام