تنوي حكومة الاحتلال الإسرائيلي إقرار قانون يقضي بتركيب كاميرات للتعرف على الوجه، في الحيز العام لبلدات الداخل الفلسطيني المحتل، بذريعة "محاربة الجريمة".
ويدفع نحو القانون وزيرا الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، والقضاء "ياريف ليفين"، وهو يسمح لشرطة الاحتلال باستخدام كاميرات "التعرف على الوجوه في الحيّز العام"، بما في ذلك في مواقع التظاهر والاحتجاجات.
ويزعم الاحتلال أن القانون يأتي ضمن حزمة تشريعات بهدف مكافحة الجريمة في المجتمع الفلسطيني بالداخل، والتي أثبتت تقارير عبرية أن "إسرائيل" أصلًا ترعى عصاباتها.
ويثير مشروع القانون مخاوف وسط فلسطينيي الداخل، الذين يعتبرون صيغته الفضفاضة كمقترح قانون، غطاءً لانتهاك خصوصيتهم وملاحقتهم، وسط غياب "جهة إشراف رقابية مستقلة".
وناقشت ما تسمى اللجنة الوزارية للتشريع، يوم الإثنين، مشروع القانون، والذي سيكون استخدام الكاميرات وفقه، منوطاً بموافقة ضابط شرطة الاحتلال دون تحديد رتبته، وهي المرة الأولى التي سيتم السماح فيها لشرطة الاحتلال بالاطلاع عليها، بعدما كان الأمر منوطًا فقط بجهاز "الشاباك".
وبعد الإعلان عن مشروع القانون، كشف تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم الثلاثاء، أن شركات إسرائيلية طورت تقنيات التجسس على البشر، عبر استخدام مواقع دعائية.
وأودت جرائم القتل المستفحلة في الداخل المحتل بحياة 167 شخصًا منذ بدء العام الجاري، فيما حصدت أرواح 215 شخصًا خلال العامين المنصرمين.
ووفق الصحيفة، فإن التقنيات الجديدة المطورة، تزرع برمجية تجسّس، أو مضمون عدائي داخل الهاتف، تصل لاختراقه، في كل مرة يدخل فيها الشخص تطبيقًا أو موقعًا على الإنترنت، دون أن يشعر بذلك.
وبالرغم من أن لافتة محاربة الجريمة في الداخل، تبدو الذريعة الأولى لكل ذلك، إلا أن هذه الخطوات، كانت عبارة عن مخاوف حذر منها مختصون بعلم الجريمة في الداخل.
"ما كنا نخشاه"
ويقول المختص بعلم الجريمة وليد حداد لوكالة "صفا": "إن الكاميرات التي أعلن عن مشروع قانون لها، مستخدمة منذ سنوات في مناطق السلطة الفلسطينية لأغراض وجمع معلومات أمنية".
ويضيف "هذه الكاميرات لها دور كبير في الوصول إلى أشخاص بأحداث معينة، في تلك المناطق، وأثبتت نجاعتها في هذا الملف، وفك رموز عدد من العمليات، أقصد الأمنية".
لكنه يقول: "هذا ما كنا نخشاه، بأن يتحول ملف الجريمة المدني إلى ملف أمني، وهذا يشكل خطرًا أمنيًا علينا كفلسطينيين في الداخل، بحيث سنكون تحت احتلال، وحتى وإن كانت إسرائيل تزعم أن وضع أراضي الـ48 يختلف عن مناطق الضفة والقدس".
ويستذكر "قلنا وحذرنا قبل ذلك، من أنه إذا لم تأت الحلول للجريمة المستفحلة، منا كفلسطينيين، فإن حكومة الاحتلال ستأتي لاستغلال الملف، وفرض حلول، تحول حياتنا إلى دائرة أمنية خطيرة".
وتحولت جرائم القتل في أراضي الـ48 لظاهرة يومية، حيث يقع يوميًا متوسط جريمتين إلى 3.
انتهاك حياتهم الشخصية
ويرى حداد أن استخدام الكاميرات المذكورة، سينتهك الحرية الشخصية للفلسطينيين بالداخل، وسيشعر المواطن وكأنه "مجرم مراقب".
ويحذر من نشر الكاميرات وسط التجمعات السكانية لفلسطيني الداخل، لافتًا إلى أن تخصيصها للمجتمع الفلسطيني دون اليهودي، في وقت تشكل فيه الجريمة خطرًا استراتيجيًا على كل المناطق، يؤكد أن أغراضها ستكون أمنية، لا كما هو معلن بأنها تتعلق بالجريمة.
كما أن "هذه الكاميرات لن تقضي على الجريمة، حتى وإن كان وجودها سيسهم في الوصول إلى أشخاص ارتكبوا جرائم".
وأثبتت تقارير عبرية مؤخرًا، أن جهاز الأمن العام "الشاباك" ضالع في زرع عصابات الإجرام في الداخل، ضمن مخطط ممنهج للفتك بالفلسطينيين.
وفيما يتعلق بالتقنيات التجسسية التي طورتها شركات إسرائيلية، فإن حداد يؤكد أنها أصبحت موجودة في تطبيقات ساذجة على هواتف الفلسطينيين، من بينها تطبيقات الطقس والألعاب وغيرها.
ويقول: "معظم هذه التطبيقات طورت شركات إسرائيلية فيها أدوات تجسس، واليوم أي كلمة يتم كتابتها أو تطبيق يتم فتحه، يحول صاحب الهاتف أو المتصفح للإنترنت لشخص مكشوف ومراقب".
ويكشف عن أن أجهزة أمن الاحتلال وعلى رأسها "الشاباك" وصل مؤخرًا لأشخاص عبر هذه التطبيقات، وتم اعتقالهم وفتح ملفات أمنية لمحاكمتهم، وما زالوا قيدها، فيما حوكم آخرون نتيجة ذلك.