رُغم منع الاحتلال الإسرائيلي "القائمة الذهبية" من دخول المسجد الأقصى المبارك، إلا أنه ما زال يحتفظ بنسخ منها، ويدرج إليها كل عام أسماء إضافية، ليستخدمها قُبيل الأعياد اليهودية، بهدف تفريغ المسجد من المرابطين والمرابطات.
و"القائمة الذهبية" أصدرها الاحتلال عام 2016، وأطلق عليها "القائمة السوداء"، بعدما أدرج فيها أسماء عشرات المرابطين والمرابطات، لمنعهم من دخول المسجد الأقصى.
وقبيل حلول "الأعياد اليهودية"، تستخدم شرطة الاحتلال تلك القائمة لتسليم هؤلاء المرابطين والمرابطات والناشطين قرارات إبعاد "احترازية"، إما ورقيًا أو شفويًا عند أبواب الأقصى، أو يُسلمها لهم الضابط بعد الاستدعاء للتحقيق في مركز الشرطة.
وفي الآونة الأخيرة، صعدت سلطات الاحتلال من حملة استدعاءات وإبعاد تعسفية عن المسجد الأقصى بحق المرابطين والناشطين المقدسيين؛ استعدادًا لتمرير اقتحامات المستوطنين الواسعة للمسجد بهدوء خلال "الأعياد اليهودية" المقبلة.
وإلى جانب إصدارها قرارات إبعاد بالجملة، وجهت مخابرات الاحتلال تهديدات للمرابطين بعدم "التحريض" أو التواجد في محيط الأقصى خلال فترة الاقتحامات.
ومن الذين طالتهم قرارات الإبعاد والاستدعاء الناشطين جميل العباسي، وصبيح أبو صبيح، ونواف السلايمة، وآلاء الصوص، بالإضافة إلى المرابطات هنادي الحلواني، وعايد الصيداوي، وسماح محاميد.
تفريغ الأقصى
الباحث المختص في شؤون القدس أمجد شهاب يقول إن سلطات الاحتلال تسعى إلى تفريغ المسجد الأقصى ومنع تواجد المصلين والمرابطين خلال أعيادها؛ لتهيئة الأجواء للمستوطنين لتنفيذ اقتحاماتهم للمسجد.
ويوضح شهاب، في حديثه لوكالة "صفا"، أن موسم الأعياد يعد الأصعب على الأقصى هذا العام، والذي يشهد ذكرى عدة انتفاضات فلسطينية انطلقت دفاعًا عن المسجد، وهي "انتفاضة الأقصى، وهبة النفق، ومجزرة الأقصى الثانية، وانتفاضة القدس".
ويضيف أن الاحتلال يحاول فرض وقائع جديدة على الأقصى، عبر زيادة أعداد المقتحمين اليهود، وتفريغه من مرابطيه ورواده بالإبعاد والاعتقال.
ووفقًا للباحث المقدسي، فإن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يريد تصعيد الأوضاع في القدس والأقصى، بل يسعى إلى تجنب أي احتكاكات أو صدامات مع المقدسيين والفلسطينيين.
ويشير إلى أن المرابطين يتعرضون للعديد من الانتهاكات الإسرائيلية، المتمثلة بالملاحقة والاعتقال والإبعاد، والتهديد، ودفع الغرامات وغيرها، بهدف إرهابهم ومنع وجودهم داخل الأقصى، وكسر إرادتهم، وثنيهم عن الدفاع عنه.
استفراد بالمرابطين
ويستخدم الاحتلال سيف الاعتقالات والاستدعاءات والإبعاد بحق المقدسيين، لمنع وصولهم إلى الأقصى وتخويفهم ومنعهم من الدفاع عن المدينة المقدسة، والتصدي لسياسات الاقتحام، فضلًا عن طمس الهوية الإسلامية عن الأماكن المقدسة.
ويبين أن تواجد المرابطين داخل الأقصى يُؤكد على إسلاميته وقدسيته وهويته، منتقدًا في الوقت نفسه، تقصير دائرة الأوقاف الإسلامية والقوى الوطنية والإسلامية تجاه تعزيز الرباط داخل المسجد، في ظل مواصلة سياسة الإبعاد.
والاحتلال- كما يقول شهاب- يستغل تواجد المرابطين والمرابطات في الأقصى بأعداد قليلة، من أجل الاستفراد بهم والتخلص منهم، لأجل إتاحة المجال للمتطرفين لاقتحامه دون أي ردود فعل.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تعرضت المرابطة المقدسية خديجة خويص للتحقيق في مركز "القشلة" بالقدس 4 مرات، وجرى توقيفها على حاجز شعفاط أثناء عودتها من تحقيق لدى مخابرات الاحتلال وتسليمها استدعاءً جديد للتحقيق أمس الأربعاء، جرى على أثره إبعادها عن الأقصى لمدة أسبوع قابل للتمديد ستة أشهر.
بدورها، هددت مخابرات الاحتلال المرابطة المقدسية نفيسة خويص بالاعتقال حال تواجدت في المسجد الأقصى خلال الأيام القادمة، كما استدعت المرابطة منتهى أمارة من مدينة أم الفحم للتحقيق، ووجهت لها تهديدًا حال الاعتراض على اقتحامات المستوطنين.
وخشية من اندلاع هجمات في مدينة القدس خلال الأعياد اليهودية، التي تبدأ السبت المقبل، أعلن قائد ما يسمى شرطة الاحتلال في القدس "دورون ترجمان"، عن نشر مزيد من القوات الأمنية في أنحاء المدينة ومحيطها.
وقال "ترجمان" إن: "هناك تحذيرات ملموسة من التصعيد خلال الأعياد، وهو ما نخشاه منذ أسابيع، وكذلك هناك تزايد في التنبيهات والتهديدات بكل أنواعها، وفي كل الأوقات".
وأشار إلى أن قواته نفذت "عمليات استباقية" بمنع مقدسيين من الدخول للمسجد الأقصى بزعم منع "التحريض"، لافتًا إلى أن هناك 110 آخرين يخضعون للمراقبة والرصد الدائم.