أقر قادة سابقون في الجيش والأمن الإسرائيلي أن الانسحاب من قطاع غزة عام 2005م كان تحت ضغط الخسائر التي تكبدها الجيش والمستوطنين بفعل ضربات المقاومة.
وذكر هؤلاء في مقابلات أجرتها معهم قنوات عبرية في ذكرى الانسحاب من غزة، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أن رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أريئيل شارون استفرد بالقرار، وأصر عليه على الرغم من كونه أحد عرّابي المشروع الاستيطاني.
وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال حينها "زئيفي فركش" لقناة "كان 11" الرسمية، إن الانسحاب جاء في ظل صعوبة حماية 8 آلاف مستوطن في القطاع وتكليف فرقة عسكرية بأكملها بهذه المهمة، فيما تحولت المستوطنات إلى بؤر للعمليات الفلسطينية.
أما قائد أركان الجيش حينها "موشي يعلون" فأشار إلى أنه عارض الانسحاب، لكنه ادّعى "عدم قدرته على التعبير عن رأيه كونه لم يكن جزءًا من متخذي القرار، الذي استفردت به الجهة التنفيذية".
وبرر "يعلون" معارضه الانسحاب بخشيته من سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة والضفة الغربية، في ذروة عمليات الانتفاضة الثانية.
وزعم أنه كان يتوقع سقوط الصواريخ على "تل أبيب" ومنطقة وسط الكيان حال الانسحاب، وأن ذلك "كان واضحًا كالشمس".
أما رئيس الشاباك في حينها "آفي ديختر" فقال إن تحفظه الوحيد كان على إخلاء محور "فيلادلفي" (صلاح الدين)، وهي المنطقة الفاصلة بين غزة ومصر.
وقال: "هذه المنطقة بمثابة الروح لمسلحي القطاع، إلا أن ثمن البقاء هناك كبير، إذ كان لمشاهد الجنود، وهم يبحثون عن أشلاء رفاقهم على الحدود مع سيناء بعد تفجير ناقلة الجند ومقتل 6 من عناصرها، بالغ الأثر في قرار الانسحاب".
كما شهد حي الزيتون في غزة تفجيرًا لناقلة جند أخرى وقتل 6 جنود، توزعت أشلاؤهم في أرجاء الحي، وفقًا لقناة "كان 11".
أما مستشار الأمن القومي حينها "يعكوف عميدرور" فقال إن قرار الانسحاب كان خاطئًا بالصيغة التي تم فيها، إذ خرج الاحتلال دون أن يحاول كسب أي شيء، حتى دون مفاوضات مع السلطة الفلسطينية أو مع المجتمع الدولي.
وأضاف "أثبتنا للفلسطينيين بأننا لا ننسحب إلا تحت الضغط".
أما نائب رئيس الوزراء الأسبق في الكيان إبان الانسحاب "إيهود أولمرت" فذكر أن شارون خشي من انفجار المفاوضات مع السلطة حال طرح مسألة الانسحاب على الطاولة، وبالتالي بقاء أطول للجيش والمستوطنين في القطاع مع استمرار الخسائر اليومية.
ويُحيي الشعب الفلسطيني هذه أيام الذكرى الـ18 للانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وهو حدث استثنائي، إذ لم يسبق لـ"إسرائيل" إخلاء أرض تستولي عليها، من جانب واحد، منذ احتلالها فلسطين التاريخية عام 1948.
واحتلت "إسرائيل" قطاع غزة عام 1967، وظلت مسؤولة عن إدارته حتى مجيء السلطة الفلسطينية عام 1994، فأسندته للسلطة، فيما أبقت على قواتها في مجمعات ومستوطنات مركزية داخل القطاع، كان يسكن فيها أكثر من 8 آلاف مستوطن.
وأخلت "إسرائيل" 21 مستوطنة في القطاع، كانت تحتل 35,910 دونمًا من مساحة القطاع البالغة 360 كيلومترًا مربعًا.
وأقيمت أول مستوطنة في القطاع باسم "نیتسر حازاني" عام 1976، فيما أنشأت آخر ثلاث مستوطنات صغيرة عام 2001 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى.