تشتد الهجمة الإسرائيلية على التعليم والمنهاج الفلسطيني في القدس المحتلة، وتستخدم بلدية الاحتلال كل أدواتها وقوانينها وتشريعاتها، ووسائل الترهيب والترغيب، كي تُحقق غاياتها في اختراق وتفكيك ذاكرة ووعي الطلبة المقدسيين، وطمس الهوية والثقافة والتاريخ، والرواية الفلسطينية الحقيقية.
والأربعاء، هددت ما تسمى "وزارة المعارف الإسرائيلية" بسحب الترخيص من المدارس المقدسية، حال تدريس المنهاج الفلسطيني الذي تطبعه وتوزعه وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
ويوجد في مدارس القدس ثلاثة أنواع من المناهج، هي المُحرف، والإسرائيلي "البجروت"، والمنهاج الفلسطيني الذي تعمل بلدية الاحتلال على محاربته.
والمنهاج المحرف هو نُسخ تبدو في ظاهرها مطابقة للمنهاج الفلسطيني، لكنها في الحقيقة مُحرفة تم تشويه وإزالة كافة القيم الوطنية والمجتمعية منها، وأُقحمت فيها أفكار ومصطلحات مرفوضة وطنيًا.
ووجّهت "وزارة المعارف" كتبًا رسمية لمدارس مدينة القدس، تطالبهم فيها بـ"استلام كتب تعليمية لمؤسسة تعليمية من بلدية القدس"، كشرط لاعتمادها، مع إجبار مديري المدارس على توزيعها وتدريسها للطلبة.
وجاء في نص الكتاب ثلاثة بنود: أولها أن "وزارة المعارف تُمول توزيع كتب تعليمية لمؤسسات تعليمية في القدس الشرقية، وتُوزع بواسطة بلدية القدس، ولا يوجد فيها مضمون تحريضي ضد إسرائيل".
أما البند الثاني فتضمن توقيع مديري المدارس على استلام كتب تعليمية "خالية من التحريض ضد إسرائيل"، وتضمن البند الثالث "التهديد بإلغاء ترخيص المؤسسة التعليمية في حال وجدت كتب تحتوي مضمونًا تحريضيًا".
و"عدم وجود مضمون تحريضي" في الكتب الموزعة، يعني أنه تم توزيع "كتب المنهاج الفلسطيني المحرف"، الذي شوّهته وزارة المعارف الإسرائيلية وأحدثت فيه تغييرات عديدة، أبرزها شطب دروس وفقرات وصور واستبدالها بأخرى، وإلغاء أحاديث وآيات قرآنية وأبيات شعرية.
إجراء غير قانوني
الناطق الإعلامي باسم اتحاد لجان أولياء الأمور بالقدس رمضان طه يقول إن تهديدات الاحتلال بسحب ترخيص المدارس التي تُدرس المنهاج الفلسطيني، محاولة ابتزاز للمدارس والمديرين وأهالي الطلبة للقبول بإدخال المناهج الإسرائيلية إلى المدارس، وهو إجراء مرفوض وغير قانوني.
ويوضح طه، في حديث لوكالة "صفا"، أن "بلدية الاحتلال عبر مؤسساتها التعليمية تُمارس عملية تجفيف للتعليم في القدس، وهذا ما لا نقبل به إطلاقًا، فالتعليم يجب أن يكون محايدًا، كونه مكفولًا وفق القانون الدولي وكل الاتفاقيات الدولية".
ويضيف "لكل شعب محتل منهاجًا يتلاءم مع حضارته وهويته وانتمائه لوطنه، وما يجري محاولة رخيصة لابتزازنا والرضوخ إلى الضغوطات التي تمارس ضد المدارس للقبول بالمنهاج الإسرائيلي".
ووفقًا للناطق الإعلامي، فإن "إضافة وزارة المعارف الاحتلالية بند عدم إدخال مواد تحريضية للمدارس المقدسية، والقبول بالكتب التعليمية التي تُوزعها بلدية الاحتلال فقط، هو عمليًا فرض واقع جديد على التعليم المقدسي، وهذا إجراء باطل".
ويؤكد أن المدارس الخاصة، وتلك التي تُدرس المناهج الفلسطينية هي وحدة واحدة لن تقبل بتدريس المنهاج المُحرف ولا الإسرائيلي، مضيفًا "ونحن كأولياء أمور نرفض إدخال هذه المناهج للمدارس مهما كان الثمن".
خطوات نضالية
ويشن الاحتلال حربًا شرسة متصاعدة على التعليم لإثبات أن "القدس عاصمة كيانه الغاصب"، وهذا الأمر كما يوضح طه، مرفوض ويجب ألا يكون التعليم مسيسًا، باعتباره حق إنساني كفلته المواثيق الدولية كافة.
ويتابع "أبناؤنا الطلبة ليسوا ورقة مساومة في كل القضايا السياسية التي تحدث بالقدس، بل يجب أن يكونوا في منأى عن الممارسات والإجراءات الإسرائيلية".
وحول وجود خطوات للتصدي لقرارات الاحتلال، يقول طه: "في جعبتنا الكثير من الخطوات النضالية لإفشال هذه الإجراءات الخطيرة، وسوف نتعامل بجدية مع أي إجراءات جديدة تصدر بشأن التعليم، وإذا اضطررنا سنصل إلى الإضراب الشامل في المدارس، كما حدث العام الماضي، ونحن جاهزون لكل شيء".
ورغم الإجراءات العنصرية، إلا أن المدارس الفلسطينية في القدس ترفض توزيع كتب المناهج المحرف على طلبتها أو تدريس المنهاج الإسرائيلي، وتُصر على توزيع الكتب الصادرة عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
وخلال الأيام الماضية، صادرت شرطة الاحتلال كتب التاريخ، والجغرافيا، واللغة العربية من طلبة مدارس الأقصى الشرعية، أثناء توجههم الى مدارسهم داخل المسجد الأقصى.