ليست عمليات تفجير المنازل التي تشهدها الضفة الغربية المحتلة أو قصفها على رؤوس ساكنيها في غزة، سوى صورة مصغرة لباع طول، وتاريخ إسرائيلي أسود، يمتد لما يزيد عن 75 عاما، ويشهد عليه بستان "الحاج أبو لبن" بيافا في أراضي الـ48 المحتلة.
ولا فرق بين تفجير المنازل على رؤوس ساكنيها اليوم وبالأمس، فمنذ عقود وإلى اليوم، لم تُحاكم عصابات الاحتلال، التي كل ما في الأمر أنها تطورت إلى جيش.
فبين مدينة يافا وقرية ملبس، يقع بستان حمضيات كبير، لا تزال بواقي مبنى شهد مجزرة تفجيره وبداخله أطفال، باقية وشاهدة وحيدة على المجزرة.
وانبرى مؤخرًا محامون ونشطاء في داخل أراضي الـ48 المحتلة، للكشف عن وثائق وملفات تكشف مجازر مخفية لدى "إسرائيل"، لإدانتها فيها عبر منظمات ومنصات ومحاكم دولية.
مباغتة السلام
ويقول المختص بالكشف عن ملفات ومجازر مخفية ارتكبتها "إسرائيل" وتطمسها في أرشيفها، المحامي جهاد أبو ريا: "إن البستان كان يملكه الحاج رشيد أبو لبن ابن مدينة يافا، وكان في داخله بناية مكونة من طابقين ويشكل مسكناً للعمال البسطاء الذين يعملون في البستان".
ويضيف أن المبنى المتواجدة بقاياه إلى اليوم، كان يقيم فيه تسعة عمال على الأقل، بالإضافة إلى عائلة مكونة من سبعة أشخاص.
وأفراد العائلة "أبو دبسي"- حسب أبو ريا- هم: الأب يوسف أبو دبسي (50 عاما) والأم خضرة (40 عاما) وأبنائهم محمد (22 عاما), وافية ( 10 سنوات) وضحة (8 سنوات) وندى (7 سنوات) ويحيى (3 سنوات).
وعن أحداث المجزرة، يروي "أنها وقعت يوم السبت الموافق 15/8/1947، في ساعات منتصف الليل، حينما انطلق 15 إلى 20 عنصرًا من أعضاء عصابة الهاجاناه اليهودية، من بلدة ابن بريق تجاه بستان أبو لبن، بهدف تفجير البيت على سكانه وقتلهم".
وحسب الوثائق، فإن الإرهابي موشيه جرشوني كان قائد المجموعة التي اقتحمت البستان، والتي تقسمت إلى ثلاث خلايا إرهابية، الأولى يقودها هلل فينر، والثانية يقودها يهوشع سجيه، والثالثة يقودها طوفيا هلر.
ويذكر أبو ريا أنه مع وصول مجموعة "الهاجاناه" الإرهابية، فخخ عناصرها البيت، ثم فجروه على رؤوس ساكنيه، حيث كانت تتواجد داخله عائلة دبسي مع أربعة من أطفالها تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات وعشر سنوات، بالإضافة إلى تسعة عمال من البستان.
استكمالها بمجزرتيْن
وتؤكد الوثائق لدى أبو ريا أن "كل أفراد عائلة دبسي استشهدوا وخمسة عمال آخرين، فيما نجا أربعة عمال من الانفجار، وحاولوا الهرب "إلا أن أعضاء العصابة الصهيونية، أطلقوا النار على العمال، وأعدموهم"، حسب أبو ريا.
ولم تتوقف المجزرة عند هذا الحد، فمع سماع دوي الانفجار في البستان، هرع بعض سكان المنطقة إلى المكان لإنقاذ سكان البيت، وهو ما قابله أعضاء "الهاجاناة" بإطلاق النار عليهم، وقتلهم جميعًا.
شاهد من أهلها
و"شهد شاهد من أهل المجزرة عليها"، فعقب ارتكابها أصدرت شرطة الانتداب البريطاني بيانًا حولها، وفق أبو ريا.
وجاء في البيان أنه "في منتصف الليل 15 آب/أغسطس، هاجم خمسة عشر إلى عشرين إرهابيًا يهودياً مدججين بالرشاشات والمسدسات بستان الحاج رشيد أبو لبن في شارع يافا – ملبس، واقتربوا من البيت الذي نام به أبناء عائلة من سبعة أنفار، بالإضافة إلى تسعة عمال، واليهود فجروا البيت بتفعيل كهربائي، كوابل الكهرباء وجدت في المنطقة، ثم ألقوا القبض على أربعة عمال وأطلقوا النار عليهم".
وأكمل البيان "عائلة من سبعة أفراد قبرت تحت الردم، وأسماء القتلى من عائلة دبسي يوسف (50 عاما) زوجته خضرة (40 عاما) محمد (22عاما) وافية (10 أعوام) وضحة (ندى 7 أعوام) يحيى (3 أعوام)، حسب بيان الشرطة البريطانية.
يُذكر أن "إسرائيل" تخفي في أرشيفها مئات ملفات المجازر التي ارتكبتها عصاباتها، إبان أحداث النكبة الفلسطينية التي وقعت عام 1948.