لا يقتصر الهدم المتكرر الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين على المباني كما يجري في قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف بالنقب فحسب؛ ففي الناصرة هدم بأداة من نوع آخر لذات الهدف.
وتلاحق سلطات الاحتلال الإسرائيلي الرسومات ذات الطابع الوطني والتي تعكس الواقع الفلسطيني وقضية الأرض والمسكن والتي يرسمها نشطاء في الحراكات الشبابية.
وكما العراقيب التي هدمها الاحتلال قبل أيام للمرة الـ220، خرّبت ذات سلطاته قبل أيام جداريات الناصرة الوطنية للمرة السابعة على التوالي ضمن معركة مترابطة الأهداف، متعددة الأدوات حسبما يصفها نشطاء شباب.
ويقول الناشط الشبابي خالد إبراهيم لوكالة "صفا": "إن تخريب الجداريات يبدو أنه عمل مرتبط بالسلطات المحلية اليهودية؛ إلا أنه في الحقيقة مرتبط بالسلطة العليا وجهاز المخابرات الإسرائيلي".
ويضيف: "إسرائيل تضع مدينة الناصرة -التي رفضت الأسرلة والتهويد- نصب عينيها، وترفض قطعيًا بأن تستحوذ على أي طابع وطني فلسطيني، بالرغم من أنها تلقت ضربات لمشاريع التهويد".
ولذلك؛ فإن "الرسومات أو الجداريات الوطنية التي ينفذها النشطاء على الجدران وتحاكي الواقع الفلسطيني في الداخل، هي تفضل بل لا تريدها أن تكون خصوصًا في هذه المرحلة التي تتميز بتطور وتنامي الوعي الوطني".
ويرى أن الجداريات الوطنية التي تحمل قضايا مثل حق العودة والقدس والأقصى والمسكن والشهداء وغيرها من قضايا الأم فلسطين تشكل خطرًا على "إسرائيل".
"فالمعركة في الناصرة مثلها مثل المعركة في أي بلدة أو قرية فلسطينية؛ هي معركة على الوعي تجاه قضية الأرض فالسلطات تخرّب وتلطخ الرسومات ويعود الشباب لرسمها مجددًا ضمن مرحلة (وإن عدتم عدنا)" يقول إبراهيم.
من جانبه يقول المؤرخ فوزي حنا: "إن ما يجري من تخريب متكرر لجدران الناصرة لمجرد أنها تثبت هوية الناصرة وهو نفسه ما يجري في العراقيب التي يهدم الاحتلال مساكن أهلها فيعيدون بناءها ضمن المعركة على الأرض والهوية".
ويشدد على أن المرة الـ220 والمرات التي خربت بها مساكن وجدران العراقيب والناصرة لم ولن تغير من طبيعة وهوية البلدتين.
وتُعد العراقيب واحدة من أكثر قرى النقب التي تواجه مخطط التهجير والاقتلاع بسياسة الهدم المتكرر لمساكن أهلها، فيما تُعد الناصرة من أكثر المدن في الداخل التي تتصارع سلطات الاحتلال منذ سنوات على طمس هويتها وتحويلها لمدينة ذات طابع يهودي تجذب السياح اليهود والأجانب.
ويصف حنا: "أرض الناصرة والعراقيب عربية فلسطينية وتنطق بذلك؛ وهذا ما يفسر عودة الرسم والبناء فيهما بعد كل مرة يتم فيها التخريب من السلطات".
بدوره، يقول الناشط ثائر عبود "إن الشباب الذين يظهرون الهوية الوطنية لأزقة مدينتهم على وعي تام بأن الجداريات الوطنية تستنفر سلطات الاحتلال، لذلك يعيدون خطّها".
ولكن الأهم من ذلك، هو أن هؤلاء الشباب يردّون بهذا الحراك على كل مشاريع الأسرلة وطمس الوعي وسلخ العقيدة الوطنية عن عقولهم.
وبحسبه فإن كل شيء يفعله الشباب هو انعكاس للتمسك بالأرض والثوابت وما يفعله الاحتلال هو انعكاس للحرب على هذه الأرض والإنسان".
"فالجرافة التي تهدم في العراقيب أو الداخل أو القدس والضفة؛ هي نفسها التي تقصف في غزة، فهي حرب لهدف واحد وهو ترحيل الفلسطيني عن أرضه" وفق عبود.