الضفة الغربية - خاص صفا
قبل عامين قتل المستوطنون الشهيد شادي الشرفا في بلدة بيتا جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، أثناء قيامه بفتح خط الماء المغذي لبلدته.
الشرفا والذي عرف حينها بـ"ساقي البلدة" عاجلته رصاصات المستوطنين حينها، لدأبه على فتح خطوط المياه الواصلة للبلدة، إذ إن نقطة تزويد البلدة من المياه يتردد عليها المستوطنون باستمرار.
وتتصاعد معاناة المواطنين في جميع محافظات الضفة عاما بعد عام من استمرار شح المياه، وقلة المياه المغذية للمدن والبلدات بفعل الاحتلال، لكن المستوطنين باتوا يسيطرون على الكثير من الينابيع وعيون المياه العذبة والتي هي مصدرًا أساسيًا لمياه الشرب وري المزروعات.
وعن ذلك، يقول نائب رئيس مجلس قروي بيتللو صلاح البزار لـ"صفا" إن أكثر من 50 عينًا ونبعة تتوزع في القرية، بعضها صالحة للشرب والبعض الآخر للاستخدام الزراعي، وبدأ المستوطنون يمنعون المواطنين من استخدام بعضها وتخويفهم وترهيبهم بقوة السلاح.
ويوضح البزار أن قرية بيتللو غرب رام الله كانت تغطي احتياجات محافظة رام الله من بعض أصناف المحاصيل الزراعية الصيفية، نظرًا لوفرة المياه، إلا أن الكثير من المزارعين وخلال العشر سنوات الماضية تركوا العمل في الأراضي والزراعة، لعدم قدرتهم على توفير المياه نظرًا لسيطرة المستوطنين على العيون القريبة من أراضيهم.
ويشير إلى أن المستوطنين وإلى جانب سيطرتهم على عيون الماء، أقدموا على تخريب بعضها وإتلافها، وهم في محاولات السيطرة أبرز عين في القرية "عين الزرقا" والتي تعود بالفائدة الكبرى على القرية، وهي المصدر الوحيد للتزود بالمياه، وذلك من خلال اقتحام المنطقة وترددهم عليها بدعم من قوات الاحتلال.
بدوره، يقول الناشط بلال التميمي من قرية النبي صالح لـ"صفا" إن محاولات المستوطنين مستعرة منذ عام 2009 للسيطرة على عيون المياه في القرية، ولولا قيام الأهالي بعمل خزان كبير لجمع المياه قبل عامين، لعانت القرية من العطش.
ويروي التميمي أن عيون الماء في المنطقة الجنوبية من القرية من أعذب عيون المياه في منطقة رام الله، وتستفيد منها القرية والقرى المجاورة، وحتى عابري السبيل، فعمد المستوطنون على عمل متنزها قرب العيون، مع استمرار وجود دورية للاحتلال على مدار الوقت لتأمين المستوطنين، ومنع اقتراب المواطنين منها أو استغلالها.
ويلفت إلى أن سيطرة المستوطنين على عين "القوس" حرمت الأهالي من أبرز مصدر لري مزروعاتهم، إلى جانب تجفيف عيون أخرى وتحويل بعضها، وسرقة القسم الأكبر لتغذية مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي القرية.
وينوه التميمي إلى تعمد المستوطنين إلى السيطرة على الينابيع العذبة الصافية الصالحة للشرب والتحكم بها.
وتشهد العديد من مناطق الضفة انقطاعات تستمر لأيام خلال فصل الصيف، ما يجبر المواطنين شراء الماء بصهاريج عالية التكلفة.
سرقة وبيع
ويقول مدير عام مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي إن :"تأثير المستوطنين على مياه الضفة أخذ شكلين، بمعنى كل ما يستهلكونه من المياه لأغراض الشرب والزراعة والتأثير الآخر منع الفلسطينيين من استغلال بعض مصادر المياه المتاحة".
ويكشف التميمي لـ"صفا" عن أن الاحتلال ومستوطنيه سيطروا على 21 نبعًا في الضفة، والتي تعتبر من مصادر المياه الرئيسية للشعب الفلسطيني.
ويؤكد التميمي أن المستوطنين والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، لديها منهج واضح وهدف رئيسي في مجال المياه، وهو السيطرة الكاملة على مياه الضفة وحتى وادي غزة.
ويلفت إلى أن ذلك يعود لسببين، إذ إن "إسرائيل" تنتج الآن ٤٠٠ مليون متر مكعب فائض عن حاجتها من محطات التحلية، في مقابل السيطرة على مصادر المياه الفلسطينية الجوفية، ما يجبر الفلسطينيين على شراء المياه من التحلية.
ويتابع "هذا حدث بالفعل فنحن أصلا نشتري المياه من داخل إسرائيل سواء من التحلية أو من غير التحلية، والسبب الثاني هو أن المياه الرخيصة المتوفرة في الضفة عند سيطرة الاستيطان عليها، يستطيع الاستيطان وخاصة الزراعي التوسع بتكلفة مياه قليلة لأن المياه الجوفية تكلف ثلث مياه التحلية".
ويتطرق التميمي إلى أن الفلسطيني يستهلك لأغراض الشرب 67 لترًا للفرد في اليوم، بينما يصل إلى 160 لترًا للفرد المستوطن.
ويبين أن المستوطن يستهلك أكثر من الإسرائيلي في مدن الداخل المحتل، لأن المستوطن مدعوم من المياه، عدا عن الاستهلاك الكبير لمستوطني الأغوار.
ويقول التميمي "تبلغ الطاقة الإنتاجية المتجددة في الضفة ٦٥٠ مليون متر مكعب سنويا، وتسيطر إسرائيل على 80% منها بشكل مباشر وغير مباشر، إذ إن معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي يصل 450 مترًا مكعبًا بشكل سنوي، في مقابل 140 للفرد الفلسطيني، بمعنى أن المستوطن يستهلك 4 أضعاف الفلسطيني، بينما الأخير يدفع 3 أضعاف ما يدفعه المستوطن".
م ت/ع ع