عاد مشروع سكة قطار "العفولة-جنين" إلى الواجهة مجددًا مع مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذه، لكن هذه المرة مع ذريعة "موافقة السلطة الفلسطينية على إقامته بالمناطق المختارة"؛ رغم مخاطره الكبيرة على منطقة واسعة.
وصادقت ما تسمى اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الإسرائيلية على مخطط سكة قطار الاحتلال الإسرائيلي "العفولة - جنين"، والذي سيصادر 1800 دونم من أراضي بلدة المقيبلة شمالي الداخل المحتل، من بينها 60% مقام عليها منازل مأهولة.
ويشمل المخطط المذكور الذي تعمل عليه سلطات الاحتلال منذ سنوات، إقامة سكة قطار من جنين إلى العفولة، ومن ثم إلى حيفا أو الأردن، بالإضافة لإقامة مستودعات ومحطة للركاب.
كما يقضي المخطط بنقل حاجز "الجلمة" إلى الأراضي التي سيصادرها الاحتلال من بلدة المقيبلة، والتي تبلغ مساحتها أكثر من 4 آلاف دونم.
وبالرغم من أن رواية الاحتلال تقول إن المشروع سيخدم توصيل البضائع من المنطقة الصناعية الدولية في جنين إلى العفولة، ومن ثم نقل البضائع إلى وجهاتها، إلا أنه يُعد مشروعًا "وطنيًا إسرائيليًا" محفوفًا بالمخاطر الكبيرة على الفلسطينيين.
مدمر وكارثي
ويقول عضو المجلس الإقليمي لبلدة المقيبلة تيسير القاسم، لوكالة "صفا": "إن المخطط بالمختصر مدمر للقرية، والاحتلال يعمل عليه منذ سنوات، وللأسف بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية".
ويضيف "أن أضرار المخطط على المقيبلة كارثية، فهو سيصادر أكثر من 60% من أراضيها، جلها مبني عليها بيوت ومسكونة، وهو يحد من توسعها، وستصبح القرية محاصرة من جهاتها الأربع".
ويصف المخطط بأنه "آفة بيئية للمقيبلة ومن حولها، لأنه يقضي بإقامة منطقة لوجستية لتخزين مواد خطيرة، وإقامة محطة قطار على شارع باتجاهين، كل شارع بمسلكين".
ويضيف "كما أنهم لاحقًا سينقلون حاجز الجلمة الاحتلالي لتلك الجهة المقام عليها محطة الركاب".
ويُصنف المخطط بأنه "مشروع وطني في إسرائيل"، مشيرًا إلى أن الاحتلال أبعد سكة القطار عن المناطق التي يسكنها اليهود في العفولة رغم أنها كانت ضمنه.
وحسب القاسم "فإن إبعاد سكة القطار عن مناطق بالعفولة، جاء لاعتبارات أمنية إسرائيلية؛ لئلا يمر قطار ينطلق من مناطق السلطة الفلسطينية، في أراضي يسكنها اليهود في العفولة".
"موقف السلطة وعدم نفيها"
ويُبدي القاسم أسفه من موقف السلطة الفلسطينية المؤيد للمخطط رغم خطورته، ويقول: "رغم أن السلطة الفلسطينية أبلغتنا من خلال ممثلها شفهيًا بمعارضة المخطط، لوجوب أن تكون سكة القطار كلها ضمن أراضٍ ذات سيادة فلسطينية كاملة، حتى لا تتحكم فيها إسرائيل، إلا أن ممثل وزارة الجيش الإسرائيلي قال لنا في جلسة قبل أشهر، إن السلطة الفلسطينية متعاونة، وتعلم بالمشروع، ولديها موافقة على المنطقة المحددة له".
ويشير القاسم إلى أنه المجلس الإقليمي بعث بكتاب إلى وكيل وزارة الصناعة والتجارة في السلطة الفلسطينية، ولكن لم يتم الرد أو إبلاغنا بموقفها".
"وجوب المواجهة"
ومن المقرر أن يستأنف المجلس الإقليمي ضد المصادقة على المخطط، لدى اللجنة القطرية من جهة، ومحكمة الاحتلال العليا.
وسبق أن انتزع مركز "عدالة لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل" قرارًا من اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء الإسرائيلية، في ديسمبر/ كانون أول 2022 المنصرم، بإرجاء البت في المخطط، لحين فحص مسار بديل لا يصادر الأراضي.
إلا أن سلطات الاحتلال فاجأت الجميع، بمصادقتها على المخطط، دون النظر إلى تأثيراته الخطيرة والجسيمة على المقيبلة وسكانها.
كما تأتي المصادقة على المخطط بالرغم من أن ما تسمى اللجنة اللوائية الإسرائيلية، قالت مسبقًا إنها "تلزم القائمين على مشروع قطار إسرائيل بتقديم مخطط بديل لخط عفولة-جنين".
ويؤكد مركز "عدالة" في تعقيبه على المصادقة، أنها "تجاهلت التأثيرات الجسيمة على سكان المقيبلة بشكل تام"، مضيفًا أن شرطة الاحتلال "لم تتكبّد عناء البحث عن أي مسارات بديلة من شأنها تقليل الضرر بالسكان".
ويشير المركز، في بيان وصل وكالة "صفا"، إلى أن الجهة الاحتلالية القائمة على المخطط، زعمت "أنها وصلت إلى قناعة بأن هذا المسار هو الأفضل من بين المسارات المقترحة، وأن هناك أهمية دولية للمخطط".
ويشدد القاسم على أن أهالي المقيبلة ومعهم الجهات الداعمة، وعلى رأسهم مركز "عدالة"، "لن يرفعوا أيدي الاستسلام أمام المخطط المدمر للقرية، حتى مع قناعاتهم التامة أن التوجه للمحكمة العليا أو اللجنة القطرية، لن يفضي لإنصافهم، لكونه قرار حكومي سياسي، وأن هذه الجهات تستكمل دورها في السياسة الإسرائيلية".