أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء التراجع الخطير في مستوى الحريات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك استهداف وملاحقة الصحافيين على خلفية عملهم الصحفي.
وقال المرصد في بيان صحفي الأحد إنّ الانتهاكات ضد الصحافيين أخذت منحنى متصاعدًا خلال الأيام الماضية، بلغ ذروته مساء أمس السبت 5 أغسطس الجاري، بإصابة الصحافي "محمد عابد" بقنبلة غاز مباشرة في ركبته خلال قمع أجهزة الأمن الفلسطيني مسيرة انطلقت في مخيم جنين عقب تنفيذ فلسطيني من جنين هجومًا مسلحًا في "تل أبيب".
وأشار المرصد الحقوقي إلى أنّ استخدام القوة المفرطة ضد تظاهرة سلمية بما في ذلك استخدام وسائل القمع العنيفة والتسبب بإصابة صحافيين يمثل انتهاكًا للحق في الحياة والسلامة الجسدية وينتهك معايير حقوق الإنسان.
ولفت إلى أنّ هذا الاعتداء يأتي بعد يوم من رصد انتهاكات ضد حرية العمل الصحفي في غزة، منها توقيف عناصر أمن بلباس مدني الصحفيّيْن "محمد البابا"، الذي يعمل لحساب وكالة الأنباء الفرنسية، وبشار طالب، مصور حر، خلال تواجدهما في مخيم جباليا لتغطية تظاهرات كانت مزمعة للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، إذ طُلب منهما الصعود إلى سيارة مدنية، ونقلا إلى مركز شرطة مخيم جباليا، واحتجزا لنحو 40 دقيقة، وخضعا للاستجواب حول سبب تواجدهما في المكان، وجرى فحص الكاميرات التي كانت بحوزتهما وهواتفهما الخلوية، وأفرج عنهما لاحقًا.
كما اعترض عنصر أمن بلباس مدني الصحفي "إيهاف فسفوس"، وهو صحافي حر، وانتزع منه هاتفه المحمول وأبلغه بمراجعة مقر الأمن الداخلي لاستلامه، وطلب منه مغادرة المنطقة بينما كان متجهًا لتغطية تظاهرات محتملة في خانيونس جنوبي قطاع غزة.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ تلك الانتهاكات سُبقت بأخرى في الضفة الغربية، إذ اعتدت عناصر أمنية بلباس مدني قبيل ظهر يوم الخميس الماضي، على أربعة صحافيين أمام جامعة الخليل خلال تغطيتهم وقفة للطالبات احتجاجًا على تعرضهن لاعتداء داخل الجامعة في اليوم السابق. والصحافيون المعتدى عليهم هم: "عبد المحسن الشلالدة"، مصور وكاله جي ميديا، و"ساري جرادات"، مصور وكاله وطن والقدس الإخبارية، و"نضال النتشة" مراسل تلفزيون فلسطين اليوم، و"لؤي مهباش عمرو"، ويعمل كصحفي حر.
ووفق إفادات الصحافيين؛ اقترب منهم نحو 10 أشخاص بلباس مدني وطلبوا منهم بطاقاتهم الصحافية، وعندما سألهم الصحافيون عن هوياتهم قالوا لهم: "هاي زعرنة وبلطجة وعليكم وقف التصوير"، وهددوهم بتحطيم الكاميرات. خلال ذلك حاول أحدهم انتزاع هاتف الصحافي نضال النتشة بالقوة، قبل أن يجري ضربه بالأيدي والأرجل، والاستيلاء على كاميرته، وأقدم آخر على رش غاز الفلفل على الصحافيين الثلاثة الآخرين.
ورغم أنّ هوية العناصر التي نفذت الاعتداء معروفة وواضحة، إلا أنّ الجهات المكلفة بإنفاذ القانون لم تتخذ أي إجراءات بحقهم، ما يشير إلى حالة من التورط أو التواطؤ الرسمي في الحادثة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة بالتحقيق في هذه الحوادث ومحاسبة المسؤولين عنها، وإعادة جميع الأجهزة والمعدات المصادرة إلى أصحابها، مشددًا على حق الصحافيين في ممارسة نشاطاتهم دون خوف أو ترهيب.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى ضمان احترام عمل الطواقم الصحافية خلال نشاطها الميداني، والالتزام بالمعايير الدولية، فيما يتعلق بتوفير الحماية للصحافيين وعدم عرقلة عملهم أو ترهيبهم.