الإرشاد قبل الإنقاذ.. تحت هذا الشعار يعمل رجال الإنقاذ البحري هذه الأيام على شواطئ قطاع غزة رغم التحديات وقلة الإمكانات، في الوقت الذي تزايد فيه عدد حالات الوفاة نتيجة الغرق هذا الموسم مقارنة بالعام الماضي.
وكالة "صفا" توجهت لجهات الاختصاص لاستعراض هذه المشكلة، على الرغم من تناقص أعداد حالات الغرق والانتشال المسجلة هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية.
ووفقًا لدائرة الإنقاذ البحري بوزارة الحكم المحلي بغزة، فإنه تم تسجيل 1500 حالة غرق وانتشال خلال يوليو، مع تراجعٌ بلغ نحو 40 % مقارنةً بذات الفترة العام الماضي الذي سجل نحو 2400 حالة.
ويقول مدير تلك الدائرة طارق بركات إن موسم الاصطياف الحالي سجل 7 وفيات من بين حالات الغرق، في حين سجل الموسم الماضي 4 فقط.
ويُشير بركات إلى أن غالبية الوفيات تكون خارج ساعات عمل المنقذين البحريين التي تمتد لـ 12 ساعة، على الرغم من التحذير الشديد الذي تُطلقه دائرة الإنقاذ البحري لمن يُمارسون السباحة في البحر في ساعات الليل.
ويتوزع 137 برج مراقبة وإنقاذ على طول 40 كيلومترًا تحت إشراف 10 بلديات في القطاع.
ويبين المسؤول الحكومي أن غالبية حالات الغرق التي تم تسجيلها وقعت على بعد 50 مترًا من الشاطئ، وأن 80% من هذه حالات الغرق كانت لأطفال ونساء نظرًا للتيارات البحرية صيفًا.
أسباب تزايد الحالات
ويشير بركات إلى أن هذا العام لم يُسجّل ارتفاعًا بالأمواج، في حين تأخر وصول القناديل البحرية للشواطئ ما شجع المصطافين للنزول للبحروأوقعهم بفخ التيارات خاصة في المياه الراكدة، وهذا ما زاد حالات الغرق، عدا عن السباحة خارج ساعات عمل المنقذين".
وسجل يوم الجمعة الـ21 من يونيو وحده 215 حالة غرق، في شاطئ يشهد نحو مليون مصطافٍ في الأسبوع الواحد.
ويلفت بركات إلى أن السباحة خلال الليل، وخصوصًا من الأطفال والسيدات، زادت من نسبة الوفيات غرقًا، مشيرا إلى أنه "ولمواجهة ذلك تواصلنا مع مؤسسات تُعنى بشؤون المرأة للتوجيه والإرشاد بالخصوص".
ولحلّ أزمة السباحة ليلاً، يقول المسؤول في الوزارة إنه تم إرداف طاقم منقذين إضافي لتوقيت ما قبل الفجر، وطاقم آخر غير مرئي على الشاطئ ليلاً للتدخل في حالات الطوارئ.
نقص بالإمكانات
المنقذ البحري جهاد السلطان يشير في حديثه لـ"صفا" إلى تجاهل الكثير من المواطنين لتعليمات المنقذين، الأمر الذي يتسبب بوقوع حالات الغرق.
ويدعو السلطان المصطافين لعدم قيامهم بدور الإنقاذ في وقت عمل المنقذين خوفًا من تعرضهم للغرق.
يُشار إلى أن أولئك المنقذين لا يتوفر لديهم مناظير للرؤيا، بل يعتمدون على العين المجردة لمراقبة حالات الغرق، عدا عن صعوبة استخدام قوارب إنقاذ جراء ازدحام المياه بالسابحين.
كما أن نجاح المنقذ في انتشال غريقه ينتهي بإجراء بعض الإسعاف الأولي كالضغط على الرئتين أو تنفسٍ اصطناعي دون حقيبة إسعاف تعينه.
ويشير منقذ آخر كان يحمل مكبر صوت، إلى أن عملية الانقاذ البحري تحتاج لتوفر إمكانيات أولية وضرورية غير موجودة حاليًا على شاطئ بحر غزة.
ووفق حديث هذا المنقذ، فإن من أولويات الإنقاذ وجود حقيبة إسعافات أولية في كل برج مراقبة، ووسيلة اتصال ما بين الأبراج، وأخرى ما بين البرج وغرفة عمليات الإنقاذ لإعطاء التحديثات والمتابعة.
تجارب أليمة
ويروي المنقذ البحري رائد النجار الذي لم يكن يحمل سوى صفّارة حكم مباراة لـ"صفا" تجربة مؤلمة كان ضحيتها مواطنين لم يلتزموا بالتعليمات.
ويقول النجار، وهو واحد من 683 منقذ آخر منتشرين في شواطئ القطاع:" في مايو من العام الماضي وردت إشارة بوجود غرق جماعي لشبّان، وبمجرد وصولي للمنطقة وجدت مجموعة على بعد 150 مترًا من الشاطئ تحاول النجاة دون جدوى".
ويضيف: "فور الوصول إليهم، كانوا مرهقين جدًا ويعانون الإعياء الشديد نتيجة محاولة السباحة عكس التيار".
ويقول: "تصرفت بسرعة ورأيتُ أنهم بحاجة للإرشاد أكثر من الإنقاذ، فقمت بتوجيههم للسباحة مع التيار المائي، إلا أن أحدهم فارق الحياة متأثرًا بإصابته على سرير المشفى".
وتشهد أيام الجمع من كل أسبوع تدفق مئات الآلاف من المصطافين على شاطئ البحر، خاصة إذا ما تصادف مع طقس حار.