تزداد الأخطار المحدقة في المسجد الأقصى المبارك يومًا بعد يوم، في ظل تبني حكومة الاحتلال الإسرائيلي رسميًا ودعمها مشروع "جماعات الهيكل" المتطرفة التحضير النهائي لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم على أنقاض المسجد بعد هدمه، وتغيير الواقع الديني والتاريخي فيه.
وتعتبر الجماعات المتطرفة أنها بنت "الهيكل" المزعوم معنويًا عبر نجاحها في أداء الطقوس التوراتية داخل المسجد الأقصى، وتسعى في نهاية المطاف لبناء "الهيكل الثالث" على كامل مساحته.
ومساء السبت، كشف تحقيق نشرته القناة "12" العبرية، عن تورط حكومة الاحتلال في خطوات التحضير لإقامة "الهيكل الثالث" المزعوم مكان مسجد قبة الصخرة المشرفة في الأقصى.
وجاء في التحقيق أن مدير عام وزارة شؤون القدس في حكومة الاحتلال أشرف مباشرة على جلب 4 عجول "حمراء" قبل أسابيع، تمهيدًا لحرقها على جبل الزيتون المقابل للمسجد الأقصى إيذانًا ببدء طقوس إقامة "الهيكل الثالث".
وأشار إلى أنه وفي اللحظة التي يتم فيها ذر رماد البقرة على الجبل المذكور "فسيكسر الحاجز الذي يمنع آلاف اليهود من اقتحام المسجد الأقصى، ومنهم اليهود المتطرفون من طائفة الحريديم".
وحسب التحقيق، فإن المشاركة الفاعلة لحكومة نتنياهو في تمويل المشروع وتنفيذه تدلل على أنه "مشروع دولة إسرائيل، وليس مشروع هذه الحركة أو تلك".
ولفت إلى أن تدشين "الهيكل" على أنقاض المسجد الأقصى يُعَدّ "حلمًا لبعض المشاركين في الحكومة"، في إشارة إلى حركة "القوة اليهودية" التي يقودها وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير وحركة "الصهيونية الدينية" بقيادة وزير المالية المتطرف "بتسلئيل سموتريتش".
وبهذه العبارات "بفضل المئات من شركائنا الجدد وضعنا حجرًا آخر في مبنى المنزل، كي نمنع خراب البيت الثالث لنتأكد أولًا من بنائه"، حثت "جماعات الهيكل" جمهورها على تكثيف التبرع لحملاتها الرامية لتغيير الواقع في المسجد الأقصى.
تطور خطير
نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات يقول: "منذ أن تولت حكومة اليمين المتطرف الحكم في إسرائيل ونحن نحذر من حدوث أي تطور خطير في موضوع المسجد الأقصى وتغيير الواقع فيه".
ويضيف بكيرات، في حديث لوكالة "صفا"، أن "حكومة نتنياهو تتبنى مشروع بناء الهيكل مكان الأقصى، وجعل القدس عاصمة يهودية، وهي تعمل على ذلك، من خلال عدة خطوات وانتهاكات لا تتوقف بحق المسجد".
ويبين أن حكومة الاحتلال تستغل الصمت العربي والإسلامي في تنفيذ مشاريعها بحق القدس والأقصى، قائلًا: "تم احتلال الأقصى وحرقه وارتكاب جرائم واعتداءات داخله دون أي تحرك؛ لذلك أصبح لدى هذه الحكومة قناعة بأن العالم في غياب تام عن الأقصى، وإن فعلت ذلك فلن يتحرك ساكنًا".
ويتابع أن "حكومة الاحتلال استفادت أيضًا، من انشغال العالم في الحروب والأوبئة، وظهور قوى عالمية جديدة، بالإضافة إلى التحالف الغربي للحرب على الإسلام ومقدساته، وحرق المصحف الشريف".
التحضير النهائي
ووفقًا لبكيرات، فإن "هذه الحكومة المتطرفة تسعى اليوم للتخلص من أزماتها ومشاكلها الداخلية، والتي ستطيح فيها، لنقل معركتها الداخلية إلى عدو آخر".
ويشير إلى أن الاحتلال استطاع خلال خمسة عقود أن يسير ببطء في استهدافه الأقصى، ومحاولته تغيير الواقع فيه، عبر عدة إجراءات تتعلق بالموافقة وتخصيص الموازنة، وبسط السيطرة، في إطار التحضير لبناء "الهيكل" المزعوم.
ويضيف "وما الحفريات أسفل الأقصى وفي محيطه، واجتماع حكومة الاحتلال في أنفاق تحت المسجد، والاقتحامات اليومية بما فيها اقتحام إيتمار بن غفير ووزراء آخرين، ومحاولة تفريغه من المصلين ومحيطه، بالإضافة إلى كل ما يجري بالقدس من اعتداءات وممارسات، كلها إجراءات تُمهد للوصول لبناء الهيكل".
ويؤكد أن الاحتلال يتدرج في مخططاته وصولًا إلى مرحلة التحضير النهائي لبناء "الهيكل" مكان الأقصى، مضيفًا "أعتقد أننا أصبحنا أقرب ما يكون إلى تغيير الواقع بالمسجد خلال السنوات القريبة".
ويشدد على أن "الصراع على الأقصى حتمي وليس وهمي، والمعركة اقتربت؛ لذلك آن الأوان للأمة العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن تعمل لأجل محاصرة وإنهاء الاحتلال، لأنه ما دام هناك احتلال، فإن مشروع الهيكل سيبقى قائمًا".