بعد 100 عام على إقامة العين التي لم تجف ينابيعها يومًا من المياه والخيرات التي يستقيها أهالي عيلبون والبعينة والبطوف في الجليل بالداخل الفلسطيني المحتل، جاء المستوطنون ليعكروا صفو مياه "عين ناطف".
ولم يرق للمستوطنين أجواء الاستجمام والري والتجمعات الفلسطينية حول نبع "عين ناطف"، التي بناها أجدادهم، فترددوا على النبع خلا الفترة الأخيرة، وأخذوا يستجمون ويخربون النبع ويعكرونه بقذاراتهم.
ولم تكتف هذه العصابات التي تتغذى عقليتها على سرقة الأرض والتاريخ، بانتهاك المكان كموروث أثري للفلسطينيين، فتخط حدودها قبل أيام، عبر بدء إزالة اسم النبع، ونحت أسماء حاخامات عليه.
وثار أهالي المنطقة على اعتداء المستوطنين، بعدما فطنوا بأن ما يجري هو مقدمة للاستيلاء على النبع.
خيرها لم يرق لهم
ويقول رئيس اللجنة الشعبية في عرابة البطوف محمد كناعنة لوكالة "صفا": "إن عين ناطف موروث فلسطيني بناه أجدادنا منذ نحو 100 عام، وهي تقع على سطح سهل البطوف، الذي سميت ناطف نسبة لهذا السهل الواقع بالجليل".
ويضيف: "هذه المنطقة مستهدفة من قبل الاحتلال، وسبق أن صادر الكثير من الأراضي فيها، لكن لم يتم الاستيلاء على العين".
وحسب كناعنة، فإن العين تخدم مواطني منطقة عيلبون والبعنة والبطوف، في الزراعة والري والاستجمام.
ويأتي أهالي المنطقة بالعشرات للاستجمام في العين والاستفادة من مياهها، خصوصًا في موسم الصيف الحالي، ككل عام، في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
محاطة بالمستوطنات
وتُحاط العين بالعديد من المستوطنات التي زرعها الاحتلال في منطقة الجليل عامة، وبشكل كبير، ويزحف هذا الاستيطان بشكل كبير نحو المنطقة، وفق كناعنة.
وكما يقول: "إنه وفي الفترة الأخيرة قدِم المستوطنون إلى المكان واقتحموا العين واستجموا وسبحوا فيها، ولم يستطع أحد منعهم، لوجودهم بأوقات مغايرة عن موعد تواجد المواطنين".
ويكمل قائلاً: "وفجأة أصبحوا يريدون ترميم عين ناطف، دون اعتبار لأي شيء، وخطوا عبارات استيطانية عليها، وحاولوا إزالة اسم العين، ووضعوا أسماء جديدة لتغيير اسم العين، إلى أسماء حاخامات ويهود أموات".
"هؤلاء يريدون أن يصلوا إلى هدف، تدرجوا من أجل تحقيقه، وهو تغيير اسم العين تمهيدًا لمصادرته والاستيلاء عليه بشكل كلي، حتى يوصلوننا بعد فترة، إلى مرحلة، إذا أردنا فيها أن نذهب إلى العين، بان ندفع رسوم دخول"، يقول كناعنة.
ويشدد على أن هذه الرؤية الاستيطانية لا تختلف عن أي نهج استيطاني في فلسطين، ومن أجل ذلك تدارك أهالي المنطقة واللجنة الشعبية وبلدية البطوف الأمر.
التداعي لكبحهم
لذلك، تداعت اللجنة وأهالي المنطقة إلى العين، وأزالوا كل ما وضعه المستوطنون من أجل محاولة وضع اليد على العين.
ويقول كناعنة "أخذنا على عاتقنا ترميم المنطقة بالكامل، وتعبيد الطريق المؤدي إليها بشكل صحيح، بعد سنوات من منع سلطات الاحتلال لنا من أن نعبده بالطريقة الصحيحة، وسنقوم بافتتاحه بكل ما أوتينا من قوة وإنجاز هذا العمل".
وأفضت هبة أهالي المنطقة من الشباب واللجان ومواطنين، إلى وقف محاولات المستوطنين، فيما أطلقت اللجنة والبلدية دعوة عامة للجماهير بألا يتوقفوا عن زيارة العين يوميًا، من أجل الحفاظ عليها كإرث تاريخي فلسطيني، وحمايته من مشاريع المصادرة والاستيطان.