قليلاً ما تصنع الظروف الصعبة والمِحن بطلاً ينجو منها؛ لكن سجى زعرب التي استشهد معظم أفراد أسرتها، كانت بطلة محنة حولتها بعزيمة وإرادة صلبتين لمنحة تفوق في الثانوية العامة بمعدل 84%.
وارتقى أكثر من 20 شخصًا من أفراد أسرة "سجى" في قصفٍ جوي إسرائيلي لمنزل أقربائها، بينهم والدتها وأشقائها الأربعة، في رفح قبل 9 سنين.
وأصيبت الطالبة آنذاك بجراحٍ بالغة في رأسها وكسرٍ في ذراعيها، وساد الاعتقاد في البداية أنها شهيدة؛ فيما استغرق علاجها سنوات حتى عادت لطبيعتها.
"سجى"، عانت كثيرًا في ظل فقدانها "الأم" والدفء والأمان مع شقيقتها، لكن والدها مصطفى، حاول تعويضها ذاك النقص؛ كما لن تتوانَ زوجة والدها التي كان أمًا ثانية لها في تقديم الدعم لها.
لم تترك الحياة تلك "اليتيمة" بائسة، دون أن تمنحها ابتسامة لا تفارق وجهها؛ فقد أخفت خلفها آلام الفقدان، وساعدتها على مقاومة ظروف الحياة؛ فضلاً عن تنامي موهبة الشعر لديها التي خطت في أبياتها تفاصيل ما يجول في داخلها.
تقول "سجى"، لمراسل "صفا": "الحمد لله على كل حال؛ حصلت على هذا المعدل، وكنت أتوقع درجةً أعلى وكان بمقدوري ذلك؛ لكن الإصابة جعلتني بطيئة في الكتابة".
وأضافت "عشتُ رحلة علاج صعبة وأنا في الثامنة من عمري؛ بعدها حاولت التأقلم على الواقع الجديد صحيًا ونفسيًا بعد فقدان الأسرة؛ بكل تأكيد لم يكن الأمر سهلاً؛ لكني اجتهدتُ وثابرتُ، حتى تجاوزت الثانوية بتفوق".
وتتابع سجى: "أعيش حاليًا مع والدي وزوجته، وأنا أشاهد فيديوهات التفوق للطلبة الأوائل؛ والآن أتمنى أن تكون أمي موجودة لتشاركني فرحة التفوق مع أشقائي؛ الشهداء، فلو كانت على قيد الحياة ستكون فخورةً بي".
وتطمح طالبتنا لدراسة طب الأسنان؛ وأن يتاح لها الفرصة للدراسة في ظل الظروف المادية؛ متوجهة بالشكر لكل ما ساندها ووقف معها في محنتها وساهم في نجاحها.