ما إن رفع الأب سامر زكنون سماعة هاتفه حتى يجيب على اتصال وكالة "صفا" بخصوص الحديث عن تصاعد الاعتداءات على الكنائس المسيحية في الداخل الفلسطيني المحتل، على يد المستوطنين، حتى اقتحمت تلك العصابات دير "مار إلياس" بحيفا، حيث كان متواجدًا فيه.
وردّ الأب زكنون وهو خادم رعية الموارنة، خلال المكالمة بالقول: "أنا أحدثكم الآن وعصابات المستوطنين تقتحم دير مار إلياس بشكل همجي، إنهم يعتدون على الكنيسة والمصلين، وهناك حالة غضب قد تتطور لأحداث عنيفة، إن لم يتم لجمهم".
وتصاعدت اعتداءات المستوطنين خلال الشهرين الماضيين على الكنائس والمقدسات المسيحية، بل وعلى المسيحيين أنفسهم، في مؤشر يمكن أن "يتطور نحو أحداث عنيفة، قد يقع فيها قتلى".
ليست الأولى
ولم يكن الاعتداء على دير مار إلياس في حيفا الأول؛ فهي الحادثة الخامسة التي بدأت بعدد بسيط من المستوطنين، وتطورت لاقتحام واعتداء جماعي.
وسبق هذا الاعتداء، اعتداءات أخرى شملت الكنيسة المارونية في عكا، وكنيس مسيحي في يافا، حيث تحاول هذه العصابات أن تسيطر على هذه الأماكن، وتؤدي فيها صلوات تلمودية، تحت مزاعم واهية، بوجود قبور لحاخامات هناك.
كما أن أحد عناصر شرطة الاحتلال استفزت أحد الرهبان في حيفا، طالبة منه "إشهار صليبه"، من باب الاستهزاء.
ويتخذ الارتفاع في الاعتداء على المسيحيين منحنى خطير، من حيث عدد الاعتداءات ونوعها، حيث بلغ عدد الاعتداءات على الكنائس والرهبان، خلال الأشهر الماضية 40 اعتداءً.
استغلال التطرف
ويقول زكنون لوكالة "صفا": "إن الكنائس المسيحية أصبحت عرضة يومية للاعتداء من عصابات المستوطنين، الذين من الواضح أنهم يستغلون حالة التطرف تجاه المسلمين والمسيحيين في البلاد، من الهرم السياسي الإسرائيلي".
ويضيف: "نحن نشاهد بأعيننا الآن اقتحامهم لكنيسة مار إلياس، وهناك عراك، والشباب يحاولون منع العشرات من المستوطنين من اقتحامه، ونحاول إحضار الشرطة، قبل فوات الأوان".
ويؤكد أن تقاعس حكومة الاحتلال في لجم هذه الجماعات، هو ما جعلها تستغل الوضع وتصعد من اعتداءاتها، فهم يؤذون وجودنا كمسيحيين.
ويحذر قائلاً: "لا نستبعد أن تكون الحكومة شريكة في هذا المخطط الذي يستهدف وجودنا، ليقال لنا في يوم من الأيام اخرجوا من هنا، وإلا لتم لجمهم وحماية كنائسنا".
ويشدد على أن الشبان الحراس للكنيسة بالمرصاد للمستوطنين، وأن الأمور قد تتطور، لأن هذه الجماعات مدعومة، ولن يتم السكوت على ما يجري.
قهر قد يتطور لعنف
من جانبه، يصف مستشار رؤساء الكنائس في الأرض المقدسة وديع أبو نصار، ما يجري من تصاعد باستهداف المسيحيين، بأنه "استفزاز لوجودهم في هذه الأرض".
ويقول لوكالة "صفا": "إنهم يتبادلون الأدوار في الاعتداء تارة على المساجد وأخرى على الكنائس المسيحية، ويبدو أن ما يجري مخطط له، ولا يمكن أن يكون عابرًا أو تصرفات زعران".
ويضيف: "مشكلتنا ليست مع هؤلاء الحمقى، وإنما مع إسرائيل كحكومة، وهي المحرك لهذه الاعتداءات".
ويقول: "يبدوا أنهم يتعاملون معنا على أننا الفئة الأضعف في هذه البلاد، كون عددنا قليل كمسيحيين، لكننا على يقين بأن الحكومة تلعب دورًا فيما يحدث".
ويتساءل: "ماذا لو كان الأمر بالعكس، واعتدى مسيحي على كنيس يهودي، هل سيكون موقف الدولة ذاته؟".
ويشير إلى أن الاعتداء –مثلاً- على كنيسة مار إلياس بحيفا، بدأ بمستوطنين اثنين، ثم اقتحام بخمسة مستوطنين، واليوم يفوق عددهم 50 مستوطنًا.
ويرى أن هذا انعكاس لدعم وعدم وجود نية لردع هذه الجماعات، ولذلك فإن المسيحيين سيكون موقفهم حازم تجاه هذه الجماعات، لكن الأمور "قد تتطور إلى وقوع قتلى"، لأن "شبابنا غاضبون وهناك حالة قهر مما يجري".
لذلك، يطالب أبو نصار بـ"حسم الأمر، ووقف الاعتداء على كل المقدسات المسيحية والإسلامية، ولجم عصابات المستوطنين التي أصبحت تعيث فسادًا في كل مكان".