تعاني المؤسسة الإسرائيلية ممثلة بالهرم السياسي والمنظومة الأمنية، من أزمة حقيقية تجاه الحركة الطلابية للفلسطينيين في الداخل المحتل، سيما في الجامعات العبرية.
وتتجلى ملامح هذه الأزمة من جملة القوانين متتابعة، تتخذها "إسرائيل"، من أجل كبح جماح هذه الحركة، لأنه "أصبح لديها يقين بأنها هي من تقود النضال والصراع لفلسطينيي الداخل، في السنوات الأخيرة".
ومن بعد "قانوني النكبة وحظر رفع العلم الفلسطيني بالداخل"، صادقت ما تسمى باللجنة الوزارية لشئون التشريع الإسرائيلية الأحد، على قانون يقضي بـ"حظر النشاطات السياسية للطلاب الفلسطينيين بالجامعات العبرية"، بزعم "دعم منظمات إرهابية".
وقرر وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش، الموافقة على الدفع ببند من مشروع القانون الذي قدمته عضو الكنيست "ليمور سون هار-ميلخ" من حزب "البيت اليهودي".
وينص مشروع القانون على "إغلاق خلية طلابية، أو تنظيم طلابي في أروقة الجامعة، تعبر عن دعمها لعمل أو نشاط إرهابي أو منظمة إرهابية، من قبل المؤسسة الأكاديمية المعنية"، بالمنظور الإسرائيلي.
وتأتي المصادقة على القانون بُعيد أسابيع من إقرار قانون حظر رفع العلم الفلسطيني في الجامعات والأماكن العامة بالداخل، ومن قبله قانون حظر إحياء فعاليات النكبة للطلاب الفلسطينيين في الجامعات العبرية.
ويعكس القانون المصادَق عليه، حالة الحشد التي تعيشها المؤسسة الإسرائيلية، من أجل القضاء على الحركة الطلابية، كما يؤكد طلاب جامعات ومسئولون بالداخل.
"تزيدهم صلابة"
ويقول الطالب ثائر عبود من شفا عمرو: "الإرهاب من وجهة نظرهم هو كل شيء عربي فلسطيني، وكل فعالية وطنية وكل طالب لديه قضية".
ويضيف: "ويبدو أننا كطلاب جامعات نزعج المؤسسة، من حتى مجرد وجودنا في الجامعات كممارسة لحقنا في التعليم".
ويرى "أن مثل هذه الإجراءات والقرارات، تزيدنا كطلاب صلابة وتمسكًا بهويتنا وحقنا في ممارسة حرية الرأي والتعبير عن قضايا شعبنا".
بدوره، يؤكد مركز الحركة الطلابية في التجمع الوطني الديمقراطي بالداخل، والطالب في جامعة "تل أبيب" يوسف طه، أن هذا القانون وما سبقه تستهدف الطلاب الفلسطينيين بالجامعات، هو جزء من ملاحقة العمل السياسي عامة في الداخل.
ويضيف لوكالة "صفا": "من قانون النكبة إلى قانون رفع العلم الفلسطيني، وغيره، كلها قوانين تستهدف العمل السياسي عامة، ضمن مسار إسرائيلي واضح في هذا الخصوص".
ويقول: "يأتي التصاعد في جملة القوانين لحظر نشاطات الحركة الطلابية، بلذات بعد صعودها، حيث أن الحركة عادت لتلعب دور مركزي في الصراع".
عاملان لمنع تأثيره
وعن تأثير هذه القوانين في طمس هوية وعمل الطلاب بالداخل، يُجزم طه بأن "هذا لن يكون لسببين؛ أولهما أننا لا يمكن أن نتنازل عن هويتنا ونشاطاتنا داخل الجامعات بأي شكل من الأشكال".
ويضيف "سنتابع عملنا بمسئولية وانتماء لشعبنا، لأننا في ظروف مفصلية في قضايا شعبنا، وثانيًا لأن رؤساء الجامعات العبرية أعلنوا أنهم لن يلتزموا بالقرار، بالطبع ليس من منطلقاتنا، وإنما من منطلق أن القانون يسيء لسمعة الجامعة في دول الخارج، قد ينعكس على تمويلها".
"العام المقبل تاريخي"
ويكشف طه عن أنه وبالرغم من جملة القوانين والإجراءات السياسية التي تستهدف الحركة الطلابية في الداخل، "إلا أنها ستكون أقوى وأكبر العام القادم".
ويصف العام المقبل بأنه "سيكون تاريخي للحركة الطلابية، وهو ما نتحضر له، أما هذه القوانين فستزيدنا قوة".
وييقن القيادي وعضو الكنيست السابق سامي شحادة، بأن "إسرائيل" تقوم بعملية "تجريم العمل السياسي الفلسطيني في الداخل، ضمن سلسلة من القوانين تشمل منع رفع العلم وممارسة حرية التعبير عن الرأي".
ويؤكد بأن "ما يجري يأتي كمحاولة لاستمرار عملية المحو الفاشلة للهوية والإنسان الوطني الفلسطيني في الداخل".
ولكن شحادة، يجزم حديثه بأنهم "كما فشلوا على مدار عقود ماضية، سيفشلون في كل المرات".
ملف محسوم
ولكن شحادة، يؤكد أن الاحتلال سيحاول ممارسة الترهيب للطلاب، الذين سيواصلون عملهم الوطني والسياسي، قائلًا: "قد تعثر البعض بهذه المحاولات، لكن دون شك، فيما يتعلق بشؤون الهوية، فإن الشباب الفلسطيني في الداخل وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، حسم هذا الملف، وهم يرون أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني".
وبنهاية الأمر، تستطيع "إسرائيل" أن تفعل ما تفعله من سياسة وقوانين عنصرية، وإجراءات لكنها لن تستطيع أن تغير هوية هؤلاء الشباب، وفق شحادة.