لم تمر 36 ساعة على بدء العدوان الإسرائيلي الواسع على مدينة جنين ومخيمها، حتى نفّذ مقاوم فلسطيني عملية دهس وطعن مزدوجة في قلب مدينة "تل أبيب" وسط الكيان الإسرائيلي؛ فأصاب ثمانية مستوطنين، ثلاثة منهم في حالة خطيرة، قبل أن يستشهد برصاص مستوطن.
وأثبتت العملية الفدائية، التي تبنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقالت إن منفذها هو الشاب عبد الوهاب خلايلة (20 عامًا) من بلدة السموع في الخليل جنوبي الضفة، حكمة توارثتها الأجيال، وهي أن "من يزرع الرياح يحصد العواصف، وأن من يزرع الحنظل حتمًا لن يحصد إلا المُر".
وأشادت الفصائل الفلسطينية بالعملية الفدائية، واعتبرتها "ردًا أوليًا وطبيعيًا" على جرائم الاحتلال ومجازره في جنين بشمالي الضفة الغربية المحتلة، داعيةً إلى المزيد من العمليات التي تؤلم "إسرائيل".
ورأى كتاب ومحللون مختصون بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي، أن جرائم الاحتلال في الضفة الغربية ولاسيما جنين "صبت الزيت على النيران الكامدة في الصدور، ودفعت الفلسطينيين، الذين سئموا وهم التسوية، إلى الرد".
وقال هؤلاء، في أحاديث منفصلة لوكالة "صفا"، إن: "سرعة الرد في قلب الكيان على سياسة العنجهية والبطش ومحاولة التفرد بجنين، التي ينفذها رئيس حكومة المستوطنين بنيامين نتنياهو، تؤكد أن المقاومة في الضفة تتصاعد، ولا تقتصر على مدينة أو ساحة، وأن العنف بالتأكيد لن يقابل بالاستكانة وانعدام الخيارات من الفلسطيني المقهور في بيته وأرضه".
نموذج حي للمقاومة
الكاتب والمحلل المختص بالشأن الفلسطيني ذو الفقار سويرجو، ذكر لـ"صفا" أن "إصرار نتنياهو على التعامل بالمعادلة الصفرية مع شعبنا والتنكر لكل شيء واعتماد سياسة القوة ووسم المقاومة المشروعة بالإرهاب ومحاولة التضليل بأن المقاومة تتركز في شمال الضفة، جاء برد قوي من جنوبها".
وأوضح سويرجو أن "عملية تل أبيب تؤكد أن فكرة المقاومة لا تموت في صدور أبناء شعبنا الذين لم يُؤثروا الاستكانة وانعدام الخيارات والقبول بسياسة الإرهاب الإسرائيلي التي يمارسها المستوطنون مدعومين بحكومة اليمين المتطرف".
وقال: "هذا الإرهاب والعنف الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا في الضفة بالتأكيد سيقابل بالمزيد من العمليات الفدائية وتوجيه الضربات في كل الأماكن التي توجع الاحتلال".
وأضاف "ما يجري في جنين نموذج حي لدعم فكرة المقاومة وتعزيزها في صدور وأذهان أبناء شعبنا، وهذا تجلى في طريقة احتضان المواطنين للمقاومين بطرق إبداعية، وما يجري من قتل وتدمير وتهجير يشكل دافعًا لكل الفلسطينيين الذين سئموا من كل سنوات الخداع والمفاوضات من خلال وعودات كاذبة".
ولفت الكاتب سويرجو إلى أن "ممارسة المقاومة بات الطريق الأوحد نحو تحقيق أهداف شعبنا بعد تلاشي وثبوت فشل فكرة التفاوض مع المحتل وإعطاء مزيد من الوقت لمستوطنيه لفرض وقائع جديدة نحو التهويد وسرقة الأراضي وقتل حلم الحرية والاستقلال".
وتابع "على الرغم من الضوء الأخضر الذي منحته الإدارة الأمريكية، لكن يبدو أن نتنياهو بدأ يغرق في أزقة جنين، وآلية انتهاء العدوان باتت صعبة قبل تفجر الأوضاع في ساحات أخرى".
ورأى أنه "في في حال تمادى نتنياهو في العدوان على جنين وأهلها؛ فإن المقاومة في غزة في حالة استنفار وتُراقب الوضع، ومن الممكن توسع الساحات والجبهات".
صب الزيت على النار
الكاتب والمحلل المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، أشار إلى أن العدوان على جنين والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في المخيم بمثابة "صب الزيت على النار".
ولفت أبو علان إلى أن "كثير من العمليات النوعية للمقاومة كانت عقب جرائم ارتكبها الاحتلال وعلى وجه الخصوص في مخيم جنين".
وقال: "الاحتلال برغم بطشه وقوة تدميره ليس لديه حل سحري لمثل هذه العمليات، وهذا كان جليًا باعتراف قادة أمنيين وعسكريين إسرائيليين".
وأكد أبو علاّن أن "كل الشواهد تقول إن الرسم البياني للمقاومة بالضفة في تصاعد رغم تزايد جرائم الاحتلال ومستوطنيه".
وأشار إلى أنه "وعلى الرغم من أن العدوان الإسرائيلي يتركز في شمالي الضفة حاليًا، إلا أن الرد جاء من جنوبها وبالتحديد من بلدة السموع من الخليلً، لافتًا إلى أن "العملية رسالة شديدة اللهجة بأن على الاحتلال ألا يتوهم أنه يمكن الاستفراد بمدينة أوحي أو ساحة من ساحات الوطن".
ونوّه إلى أنّ "سرعة الرد على العدوان في جنين وفي قلب الكيان رسالة أيضًا أنّ شعبنا لن يُعدم وسائل المقاومة والدفاع عن النفس، ولن يثنيه الإجرام الإسرائيلي، وأن الأمر سيرتد على نتنياهو وحكومة المستوطنين".
وختم "قبل أسبوعين كانت عملية إطلاق النار قرب مستوطنة "عيلي" وأول أمس عملية طعن في "بني براك" قرب تل أبيب واليوم عملية دهس وطعن في "تل ابيب".. المقاومة تقول إن عملياتها مستمرة ولا تعمل بردات الفعل فقط".