يوافق اليوم السبت 24 يونيو/ حزيران الذكرى الثانية لاغتيال قوة أمنية فلسطينية الناشط والمعارض السياسي نزار بنات عقب اقتحام منزل أحد أقاربه في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
ورغم مرور عامين على الواقعة إلا أن أصداءها ما تزال حاضرة على الصعيدين المحلي والدولي، في ظل تجاهل السلطة محاسبة المسؤولين عن الجريمة ومرتكبيها.
وكان الشهيد نزار بنات ناشطاً سياسياً معارضاً ومحارباً للفساد، ومرشحاً للانتخابات التشريعية المعطلة عن قائمة "الحرية والكرامة"، التي كان مقرراً عقدها في مايو/ أيار 2021 قبل أن يقرر الرئيس محمود عباس إلغائها.
وحظي نزار بنات بشهرة واسعة في الشارع الفلسطيني، لجرأته وانتقاداته الحادة لأعضاء القيادة الفلسطينية، بما فيهم الرئيس محمود عباس، ورئيس الحكومة محمد اشتية.
وكان بنات من أشد المنتقدين للفساد داخل أروقة السلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي.
وعقب قرار إلغاء الانتخابات التشريعية طالب بنات الاتحاد الأوروبي بوقف التمويل عن السلطة وهو ما عرضه لهجوم حاد من الأخيرة والمؤيدين لها.
القتلة طلقاء
وبعد اعتقالهم لعدة أشهر، أطلقت السلطة الفلسطينية في يونيو 2022 سراح المتهمين الـ14 في اغتيال نزار بنات وهم من جهاز الأمن الوقائي، في الوقت الذي تقوم بتأجيل جلسات محاكمتهم بشكل مستمر لدواعٍ مختلفة.
وكانت عائلة بنات كشفت في فيلم نشرته عن بعض تفاصيل الجريمة من لحظة التخطيط وحتى التنفيذ.
وأوضحت أنه وبتوجيهات سياسية عليا عَقد اجتماع طارئ في مدينة رام الله بتاريخ 23/6/2021، للجنة الأمنية العليا لقيادات أجهزة أمن السلطة بالضفة، وبحضور مدراء العمليات المركزية، وكان عنوان الاجتماع الوصول إلى نزار بنات حيًا أو ميتًا.
وأضافت بأن اللجنة الأمنية أوكلت إلى محافظ الخليل جبرين البكري مهمة تنفيذ عملية الاختطاف، بضوء ذلك عقد البكري اجتماعًا طارئًا في مدينة الخليل مع مدراء أجهزة السلطة في المدينة لتنفيذ عملية الاختطاف.
وكان على رأس المشاركين في الاجتماع: مدير المخابرات محمد غنام، ومدير الوقائي محمد زكارنة، ومدير الاستخبارات فضل أخلاوي، ومدير الشرطة عبد اللطيف القدومي، ومدير الأمن الوطني حرب النجار.
وأشارت إلى أن دائرة الوقائي تلقت منتصف ليلة الخميس 24/6/2021 معلومة موثوقة من منذر راغب أبو رميلة (المسؤول عن مراقبة المحتوى الإلكتروني)، حددت مكان نزار في منزل عمه بمدينة الخليل.
وبناء على هذه المعلومة، أوعز مدير الوقائي محمد زكارنة إلى دراسة وضع المنطقة جيدًا باعتبارها تقع ضمن المناطق "c" الخاضعة للسيادة الأمنية الإسرائيلية، وتقرر تنفيذ الجريمة دون تنسيق أمني مع الاحتلال، حيث تجردت القوة من زيها العسكري وتوجهت بزي مدني إلى المكان، واستبدلت السلاح بالعتلة والشواكيش.
وبحلول الساعة 3:15 فجرًا أبلغ مدير العمليات المركزية محمد إسماعيل السويطي مدير جهاز الوقائي محمد زكارنة بجهوزية القوة لتنفيذ عملية الاختطاف، والتي تتكون من 14 شخصًا، حيث استقلوا أربع سيارات مدنية من بينها هونداي أكسنت وبولو.
وعرض الفيديو مشاهد تمثيلية لاقتحام المنزل عبر الشبابيك والأبواب، ومن ثم الاعتداء بالضرب العنيف على نزار بنات وهو نائم، وتعذيبه ورش الغاز في وجهه، ومصادرة مقتنياته من حاسوب وأجهزة اتصال، واختطافه وهو مضرج بدمائه، والاستمرار في ضربه بالسيارة حتى وصول مقر جهاز الأمن الوقائي.
وتضمن الفيديو أسماء بعض المشاركين في عملية الاغتيال ومعلومات تفصيلية حولهم والمهام التي أوكلت إليهم يوم تنفيذ الجريمة:
العسكري عبد الحميد صبحي فروخ، وشارك باقتحام المنزل والاعتداء عليه داخل السيارة
شادي زياد القواسمي برتبة ملازم مشارك بالجريمة بشكل مباشر من خلال الضرب بالهراوة وسائق السيارة التي نقلت نزار إلى مقر الأمن الوقائي
عماد عدنان الرجبي برتبة ملازم اقتحم المنزل من النافذة، وفتح الباب للقوة، ورش الغاز، وضرب رأس نزار بالعتلة الحديدية
أمجد سليم الهشلمون برتبة ملازم، سائق إحدى المركبات المشاركة في الجريمة، وقام بضرب نزار على رأسه
يزن العمور برتبة ضابط، أول من اقتحم المنزل عبر النافذة، وهاجم نزار وشتمه ورش الغاز في وجهه
عزيز عبد المهدي طميزي، برتبة عميد والمسؤول عن قيادة القوة المشاركة في جريمة عملية الاغتيال
نديم مسلم أبو غازي، برتبة مساعد وشارك في عملية الاغتيال
ماهر سعدي أبو الحلاوة، برتبة عقيد وتولى المسؤولية المباشرة إداريًا وعمليًا عن تشكيل القوة المنفذة للجريمة
جريمة شنيعة
وفي برنامج "ما خفي أعظم" الذي عرضته قناة الجزيرة في فبراير/ شباط 2022 أكد طبيب التشريح سمير أبو زعرور تعرض المغدور لـ42 ضربة في أنحاء جسده.
وشدد طبيب التشريح على أنه لم يتم إضافة أي إصابة لم يُشاهدها فريق التشريح في التقرير الطبي، لافتًا إلى أن الوفاة وقعت بسبب الاختناق جراء غازل الفلفل الذي تعرض له نزار.
وكشف تقرير الطب الشرعي أن جثة نزار ظهرت عليها كدمات وخدوش وأن الوفاة غير طبيعية بعكس ما أعلنت السلطة.
من جانبه، كشف غسان شقيق المغدور نزار أن مكتب الرئيس محمود عباس عرض على العائلة- عبر وسطاء- 10 مليون دولار و30 وظيفة بعضها عليا، من أجل إغلاق ملف القضية، ولاسيما على المستوى الدولي، مؤكدا رفض العرض.