بعد سنين من النضال في أروقة محاكم الاحتلال الإسرائيلي، بثت محكمة الاحتلال في قضية ملكية أهالي العراقيب، بقرار إجرامي بسحبها، وهو ما يثبت مجددًا أن قضاة هذه المحاكم، هم "جزء من مؤامرة ومخطط تهجير سكان القرية".
وأصدرت محكمة الاحتلال المركزية في بئر السبع، قرارًا "بسلب حقوق الملكية على الأرض لسكان بلدة العراقيب مسلوبة الاعتراف في النقب"، وردت المحكمة بذلك دعاوى ملكية السكان البدو لأراضيهم في البلدة.
ويأتي قرار المحكمة، بعد معركة ومداولات قضائية استمرت عشرات السنوات بين سكان القرية وسلطات الاحتلال، التي هدمت خلالها القرية 218 مرة.
والعراقيب قرية فلسطينية تقع في شمال مدينة بئر السبع في صحراء النقب جنوب فلسطين، وتعد واحدة من 45 قرية في النقب تصنفها "إسرائيل بأنها غير معترف بها".
ويعيش في القرية قرابة 700 شخص، يعتاشون على تريبة الأغنام والمواشي، ويعانون من الافتقار لمقومات الحياة الأساسية، ضمن سياسة احتلالية متعمدة لدفعهم لترك أراضيهم.
ومن المقرر أن يصدر غدًا بيانًا جامعًا لسكان قرية العراقيب وممثلي القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، يتضمن رد السكان على القرار الإسرائيلي الخطير.
وأكد الناشط عزيز الطوري، نجل شيخ القرية، لوكالة "صفا"، أن البيان سيكون مفصلًا شاملًا رد الأهالي والخطوات تجاه القرار، وسيتم نشره لجميع وسائل الإعلام.
لن يمرّ
ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف في النقب عطية الأعسم لوكالة "صفا": "إن إسرائيل تضع يدها على أعناق أهالي قرية العراقيب بهذا القرار الخطير، وهو ما لن يمر بالسهل".
ويضيف "هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع في النقب، وهو ما يبدو أن إسرائيل تعمل تجاهه، وهي بهذا تكون قد أنهت المرحلة الأولى من مخططها".
ويوضح أن "إسرائيل" سنت قوانين خاصة عبر برلمانها من أجل مصادرة أراضي الفلسطينيين في النقب، وهو ما تعمل محاكم الاحتلال من خلاله، فهي تحكم بهذه القوانين الموضوعة والمكتوبة، وليس بالعدل.
وبهذا القرار تثبت محاكم الاحتلال أنها "ذراع لسلطات الاحتلال وحكومته، وأن هذه المحاكم لم تنشأ إلا لذر الرماد في العيون، فيما العدالة مفقودة"، حسب الأعسم.
ويحذر من أن سلطات الاحتلال ستواجه بـ"تلك القوانين الموضوعة"، أي محكمة أو مؤسسة في المحافل الدولية، وهي تريد أن تظهر بأنها صاحبة ملكية أراضي العراقيب، ولذلك اتخذت محاكمها القرار اليوم، دون الأخذ بعين الاعتبار أي تبعات على الأرض.
وينص قرار المحكمة المجحف، بالإضافة إلى رد دعاوى الملكية للأهالي، أيضًا حرمان "ورثتهم من تملكها".
وأنهت محاكم الاحتلال بذلك 8 دعاوى قضائية مرفوعة منذ سنوات، بشأن حقوق الملكية على مسطحات من الأراضي، والتي تبلغ مساحتها ما يقارب 1950 دونما، تملكها عائلات أبو فريح وأبو مديغم.
ورفضت القاضية الإسرائيلية جولا ليفين، ادعاءات أصحاب الأراضي من أهالي بلدة العراقيب بوجود عيوب وشوائب وخلل في عملية التسوية التي قضت بمصادرة الأراضي، التي نفذت في عام 1954 بتوقيع وزير المالية آنذاك ليفي إشكول.
ويقول الأعسم: "أهالي القرية يواجهون اليوم نهاية المرحلة الأولى من مخطط تهجيرهم، وهو صدور قرار بسحب الملكية وتحويل سكانها إلى مهجرين، فيما تتجه لتطبيق المرحلة الثانية في الفترة المقبلة، وهي أن تفعل بهؤلاء المهجرين، بصفتهم هذه لديها، ما يحلو لها، سواء من خلال إخراجهم من أراضيهم عنوة، أو سحب هواياتهم وجنسياتهم.
"انفجار برميل النار"
وكان جوهر الخلاف بين أهالي العراقيب وسلطات الاحتلال هو "قانون حيازة الأرض لعام 1953"، والذي تم تشريعه بهدف منح الشرعية لعمليات مصادرة الأراضي العربية التي تمت ما بعد النكبة حتى العام 1952، بدون أي صلاحيات قانونية، بحسب ما ذكرت قاضية المحكمة في مجمل قرارها.
لكن تشريع القانون المذكور سمح لوزير المالية الإسرائيلي، بالتوقيع لمدة عام بعد صدوره على مصادرة هذه الأراضي في حال تم استيفاء شروط إسرائيلية، من بينها: "أنها لم تكن في حوزة أصحابها في 1 نيسان/أبريل 1952، وتم استخدامها من أجل الاحتياجات الأساسية للتنمية والتطوير لأغراض الاستيطان أو الأمن".
وهذه الشروط هي التي اعتمدت عليها قاضية الاحتلال جولا ليفين، في اتخاذ القرار بسحب ملكية الأراضي من أهل القرية.
وفي كل الأحوال-حسب الأعسم- فإن هذا القرار سيؤدي إلى "انفجار برميل النار، الذي لطالما حذرنا منه، وتحديدًا في النقب، خاصة وأن هناك 5 قرى على خط بئر السبع، تواجه مصير قرية العراقيب، لأن إسرائيل تريد إنهاء الوجود البدوي فيها، لتوطين اليهود".
ويجزم "هذا الأمر لن يمر مرور الكرام، والقرار اليوم سيزيد من تشبث أهالي القرية بأراضيهم، وسيوسع نضالهم، بحيث لن يعيروا أي شيء أمام مواجهتهم ودفاعهم عن حقهم، فنحن نتحدث عن قضية أرض ووجود".