22 خطة استيطانية أقرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري، لغرض التوسع الاستيطاني في مدينة القدس المحتلة، على حساب مصادرة أراضي المقدسيين وحرمانهم من حقهم بالسكن داخل مدينتهم، تمهيدًا لحسم الصراع الديمغرافي لصالح المستوطنين.
ومنذ تشكيل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة في كانون الثاني/يناير 2023، تشهد المدينة المقدسة تسارعًا كبيرًا وهجومًا استيطانيًا غير مسبوق، عبر إقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتهجير المقدسيين.
وبحسب منظمة "عير عميم" الإسرائيلية المختصة بشؤون القدس، فإنه منذ بداية العام الجاري، تم تقديم 22 مخططًا للتوسع الاستيطاني بإجمالي 16060 وحدة استيطانية في المدينة المحتلة، بينما استأنفت حكومة الاحتلال الترويج لخطط الاستيطان (إي واحد) لبناء 3412 وحدة سكنية.
وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال تستعد الشهر المقبل لتقديم خطط استيطانية لأكثر من 7000 وحدة جديدة في القدس، لافتة إلى أن التقدم الاستيطاني ارتفع إلى مستوى غير مسبوق بالمدينة.
وأضافت "ما يشار إليه في إسرائيل باسم القدس الكبرى، هو مفهوم يستلزم توسيع المستوطنات حول محيط القدس، وربطها بالمدينة لإنشاء شبكة واحدة كبيرة ومترابطة من المستوطنات".
وإلى جانب هذه التطورات، عملت سلطات الاحتلال على تطوير العديد من خطط البنية التحتية للطرق الرئيسة المصممة لربط المستوطنات المحيطة بالقدس بسلاسة، بما في ذلك منطقة "معاليه أدوميم" (إي واحد)، وتلك الواقعة شمال شرقي المدينة.
حسم المعركة
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي يقول إن تصاعد المشاريع الاستيطانية في القدس يأتي تنفيذًا للوعود التي قدمتها حكومة الاحتلال للناخبين الإسرائيليين، وخاصة المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يسعى إلى تكثيف الاستيطان، وحسم المعركة والسيادة بالقدس، وتعديل الميزان الديمغرافي.
ويوضح في حديث لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يرى في وجود أهل القدس بنسبة 40% داخل المدينة خطرًا على وجوده، لذلك لا يسمح باستمراره، كونه يُساهم في الحفاظ على هويتها الإسلامية العربية.
ويضيف أن الاحتلال يستغل الظروف الإقليمية والفلسطينية، وغياب الوحدة وعدم وجود سلطة تُحافظ على هوية القدس من أجل فرض مزيد من السيطرة والتهويد والاستيطان في المدينة المحتلة.
ولهذه المخططات الاستيطانية، كما يحذر الهدمي، تأثير كبير على القدس وأهلها، كونها تُساهم في وصول الاحتلال إلى مرحلة حسم المعركة حول المدينة، والتي تحتدم يومَا بعد يوم، منذ احتلال الجزء الشرقي من المدينة.
ويبين أن الاحتلال يريد حسم هذه القضية وإنهائها، بما يؤدي لحرمان المقدسيين من أراضيهم وعقاراتهم، وتفاقم مشكلة النقص الحاد في الوحدات السكنية، بالإضافة إلى إنهاء التواجد العربي الإسلامي، وتغيير هوية المدينة وطمسها، بحيث تُعبر عن هويته العبرية التوراتية التي تُزور تاريخ القدس وحضارتها.
ويتابع الهدمي "75 عامًا ولا يزال الاحتلال يُصارع من أجل إثبات وجوده في القدس، ويرى أنه آن الأوان لحسم الصراع، من خلال تحييد المقدسيين وإنهاء قدرتهم بالحفاظ على هويتهم والصورة الحضارية للمدينة".
ويشدد على أن الاحتلال يُسابق الزمن لأجل تنفيذ مشاريعه بالقدس، لأنه يرى أن الأيام القادمة ليست في صالحه، خاصة في ظل توحد الشعب الفلسطيني خلف قيادة وطنية تمثل المقاومة، وترفض التساوق مع المحتل، وهذا ما يُقلقه، ويُهدد وجوده.
حزام استيطاني
ويؤكد المختص في شؤون الاستيطان بسام بحر لوكالة "صفا"، أن العام الجاري يشهد ارتفاعًا غير مسبوق في وتيرة الاستيطان بالقدس والضفة الغربية.
ويشير إلى أن الاحتلال يسعى من خلال الاستيطان، لإقامة حزام استيطاني يُحيط بالقدس والمسجد الأقصى، وسلب المزيد من أراضي المقدسيين، وتغيير الوضع الديمغرافي، من أجل أسرلة المدينة وجعلها "عاصمة إسرائيل الموحدة".
ويلفت إلى أن سلطات الاحتلال تُصادر يوميًا، عشرات الدونمات من الأراضي الفلسطينية، ولا تخلو أي منطقة إلا ويتم استهدافها بالاستيطان وقرارات الاحتلال، وعدم منح التراخيص، بغية بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وجلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين إلى القدس، وصولًا لتقسيم الأقصى وتهويده.
ويضيف أن كل هذه الإجراءات الظالمة والعنصرية تأتي على حساب المواطن المقدسي، الذي يُمنع من بناء غرفة صغيرة للتوسع داخل مدينته، بهدف تهجيره خارج المدينة، والعمل على إرهاقه اقتصاديًا.
وعلى الرغم من توقف خطط (E1) مرة أخرى بسبب الضغط الدولي، كما تقول منظمة "عير عميم"، إلا أن مجموعة من الخطط الاستيطانية الضارة الأخرى تمضي قدمًا بكامل قوتها في القدس، والتي تتطلب اهتمامًا فوريًا.
وتابعت "على خلفية الذكرى 56 للاحتلال الإسرائيلي والضم غير القانوني لشرقي القدس، من الواضح أن مثل هذه التطورات لا تستمر إلا في ترسيخ واقع الدولة الواحدة من الاحتلال الدائم والقمع المنهجي، حيث يتم منح مجموعة واحدة حقوق الإنسان والحقوق المدنية الكاملة، والآخر محروم من تلك الحقوق".
وأشارت إلى أن "سياسة التخطيط العمراني الإسرائيلية بالقدس، التي تهدف إلى هندسة الهيمنة الديموغرافية اليهودية، من أكثر التعبيرات خطورة عن هذا الواقع، في الوقت الذي تدفع فيه أجزاء كبيرة من السكان الفلسطينيين خارج المدينة".
وقالت: "على عكس آلاف الوحدات السكنية التي يتم تطويرها سنويًا للمستوطنات الإسرائيلية في القدس، يتم قمع وإهمال التطوير السكني بالمناطق الفلسطينية بشكل منهجي، ما يقوض حقوق الفلسطينيين في السكن ويخدم كأداة للتهجير".